في خطوة دبلوماسية غير تقليدية، أصدرت كل من الولايات المتحدة وقطر بيانًا مشتركًا، دعتا فيه الاتحاد الأوروبي إلى إعادة النظر في توجيه الاستدامة الجديد الذي يعتزم الاتحاد تطبيقه قريبًا، وسط مخاوف من أن يؤدي إلى إعاقة واردات الغاز الطبيعي المسال إلى القارة الأوروبية، تأتي هذه الدعوة في وقت تواجه فيه أوروبا تحديات غير مسبوقة في تأمين احتياجاتها من الطاقة بعد الأزمة الأوكرانية وتراجع الإمدادات الروسية. إقرأ أيضًا: آبل تستجيب للمستخدمين وتعيد ضبط ميزة الزجاج السائل في تحديث iOS 26.1، استقالة رئيس ونائب رئيس مجلس إدارة موبايلي وتعيين معتز العزاوي رئيساً جديداً للشركة.
مخاوف واشنطن والدوحة من توجيه الاستدامة الأوروبي
تضمن البيان المشترك، الذي صدر عن وزيري الطاقة الأمريكي والقطري، دعوة صريحة للاتحاد الأوروبي لإعادة تقييم “توجيه العناية الواجبة في مجال الاستدامة”، لما يحمله من تداعيات على سلاسل توريد الطاقة، فبحسب التوجيه، سيتعين على الشركات الموردة الالتزام الصارم بمعايير حقوق الإنسان وتقليل الانبعاثات الكربونية، ضمن أهداف الحياد المناخي بحلول عام 2050، ويرى المسؤولون في واشنطن والدوحة أن هذا التوجه قد يعرقل تدفقات الغاز المسال إلى أوروبا، ويضع أعباء مالية وتنظيمية ضخمة على الموردين، كما أشار وزير الطاقة القطري إلى أن الشركات قد تواجه غرامات تصل إلى 5% من إيراداتها العالمية، ما قد يثنيها عن الاستثمار في السوق الأوروبية.
الأهمية الاستراتيجية للغاز المسال لأمن الطاقة الأوروبي
منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، أصبحت أوروبا تعتمد بشكل متزايد على واردات الغاز الطبيعي المسال لتعويض نقص الإمدادات الروسية، وتأتي الولايات المتحدة وقطر في مقدمة موردي هذا النوع من الوقود النظيف، إذ تغطيان معًا أكثر من 40% من السوق العالمية، وتعتبر هذه الإمدادات ركيزة أساسية لاستقرار أنظمة الطاقة الأوروبية، خاصة خلال فصول الشتاء، ويرى خبراء الطاقة أن فرض قيود جديدة على الشركات المنتجة للغاز سيزيد من تعقيد المشهد الطاقي الأوروبي، وقد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار أو حتى إلى اضطرابات في الإمدادات إذا لم تُعدّل بنود التوجيه المقترح.
دعوات للحوار وتنسيق الجهود قبل التنفيذ الكامل للتوجيه
أجرت كل من واشنطن والدوحة مفاوضات مباشرة مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي لمحاولة تعديل التوجيه أو تأجيل تطبيقه حتى يتم التوصل إلى صيغة أكثر توازناً بين الاستدامة وأمن الطاقة، ووفقاً لمصادر مطلعة، فإن الاتحاد الأوروبي منح الدول الأعضاء مهلة حتى يوليو 2026 لدمج التوجيه في تشريعاتها الوطنية، ما يفتح الباب أمام إمكانية إعادة التفاوض، ويرى محللون أن الأزمة تعكس المعضلة التي تواجهها أوروبا في سعيها لتحقيق أهداف المناخ دون المساس بإمدادات الطاقة الحيوية، ويعتقد مراقبون أن استمرار هذا الخلاف قد يؤثر على الشراكات طويلة الأمد بين الاتحاد الأوروبي ومورديه الرئيسيين، ما يستدعي حلولاً قائمة على التعاون بدلاً من الصدام.
تؤكد هذه التطورات أن موازنة العالم بين متطلبات التحول الأخضر وضمان أمن الطاقة العالمي باتت أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى، وأن الحوار بين الشركاء الدوليين سيبقى السبيل الوحيد لتجنب أزمة جديدة تهدد استقرار سوق الطاقة العالمي.