أش واقع تيفي / هشام شوراق
تصعيد خطير في المشهد العام
يشهد المشهد العام تصعيدًا خطيرًا بعد إعلان الدكتور أحمد الفاريسي عن “تجاوب إيجابي” من وزارة الصحة، وذلك عقب أقل من المهلة المحددة لكشف ملابسات “مسرحية مستشفى أكادير” المتعلقة بوفيات حوامل، إن هذا التراجع السريع مقترنًا بتحقيق مطالب فئوية، يعزز قناعة الشارع المغربي بأن ما حدث كان عملية “ابتزاز” و”مقايضة للمعلومات”، حيث تم تداول الحقيقة – التي تمس حياة المواطنين – كوسيلة ضغط شخصية، الأمر الذي يضع مصداقية القطاع الصحي برمته على المحك.
تساؤلات حول دور النيابة العامة
تُوجَّه تساؤلات إجرائية حادة لرئاسة النيابة العامة حول الأسباب وراء هذا التخاذل الواضح والمريب في التعامل مع تهديد مباشر وعلني موجه لوزارة سيادية، إن إعلان طبيب يمتلك معلومات حول “مسرحية” وفساد داخل مؤسسة عمومية يستوجب تدخلًا قضائيًا فوريًا وحازمًا، وليس انتظار نتائج “التفاوض السري” بين المُهدِّد والمُهدَّد، إن هذا الصمت القضائي يبعث برسالة خطيرة مفادها أن التهديد والابتزاز يمكن أن يكون وسيلة فعالة لتغيير القرارات الإدارية، مما يقوض سلطة القانون.
اتهامات تطارد الدكتور الفاريسي
يواجه الدكتور الفاريسي اتهامًا أخلاقيًا ومهنيًا صريحًا بأنه تحول من منقذ للحقيقة إلى “شريك محتمل في مهزلة التستر”، إذ يرى المتابعون، ومنهم فاعلون، أن الطبيب الذي “يُقسم على حماية المرضى” لا يجب أن يتاجر بالمعلومات التي تؤثر على سلامتهم، إذا كانت هناك بالفعل “مسرحية” تحتوي على خروقات أدت لوفيات (كما أشار البعض لوفاة 9 نساء مؤخرًا)، فإن التراجع عن الفضح بعد تلبية المطالب الفئوية يُسقط عنه صفة “الناطق بالحق” ويجعله في نظر الكثيرين “ساكتًا عن الحق وشيطانًا أخرس”.
انتقادات لوزارة الصحة
تتعرض وزارة الصحة لانتقادات لاذعة بسبب طريقة تعاملها مع الأزمة، حيث يظهر التجاوب الفوري مع التهديد كما لو كان إقرارًا ضمنيًا بوجود ما يستدعي التكتم عليه، إن استقدام “مسؤول عن الموارد البشرية من الرباط” لحل الأزمة بهذه السرعة يؤكد أن الوزارة كانت تستجيب لـ”الضغط والابتزاز”، وليس لروح الإصلاح أو لضرورة حماية المصلحة العامة، مما يعزز شكوك الرأي العام حول الأسباب الحقيقية التي أدت لتوقيف الأطباء، ويُعمق أزمة الثقة في قراراتها.
مطالب شعبية بالتنديد بالمقايضة
تنطلق مطالب شعبية عارمة تندد بهذه “المقايضة المكشوفة”، حيث يشير الرأي العام إلى أن الموضوع تحول إلى “مصالح شخصية” بعيدًا عن “همّ المواطن” الذي يعاني في المستشفيات، هذا السلوك يعزز فكرة أن لا شيء يتغير في المغرب إلا من خلال “الشونطاج” أو التهديد، مما يغذي موجة الإحباط لدى الشباب، ويبرهن على أن الإصلاحات التي ينادي بها جيل Z، وخاصة المتعلقة بالشفافية ومكافحة الفساد في الصحة، لا تزال بعيدة المنال.
ضرورة فتح تحقيقات قضائية
تبرز ضرورة قضائية بفتح تحقيقين متوازيين لا يقبلان التأجيل، الأول يجب أن يتناول التهديد العلني الذي مارسه الدكتور الفاريسي، لمعرفة طبيعة الأسرار التي هدد بكشفها، والثاني يجب أن ينصب على حقيقة “المسرحية” في مستشفى أكادير وما إذا كان هناك تستر جنائي أو إداري على خروقات تسببت في أضرار للمرضى، إن النيابة العامة يجب أن تثبت هنا أن القانون يسري على الجميع، وأن لا أحد يمتلك حصانة تسمح له بـ”بيع” الحقيقة مقابل “مقايضات”.
تحذير من تكرار السيناريو
ينبغي التحذير من مغبة تكرار “السيناريو” في قطاعات أخرى، فنجاح هذه العملية في “مقايضة” الوزارة بالتنازل يفتح الباب أمام أي موظف أو فاعل يملك “أوراق ضغط” لكي يهدد بكشف الفساد لتحقيق مكاسب شخصية أو فئوية، مما يُشلّ عمل المؤسسات ويضعف سلطة الدولة، إن القضاء مطالب بوضع حد لهذه “المهزلة” من أجل إعادة الاعتبار للمسار المؤسساتي الهادئ والمسؤول.
استنتاج صارم حول التواطؤ
يتضح استنتاج صارم مفاده أن “السكوت هنا ليس حيادًا بل تواطؤًا”، وهو ما يفرض على كل من له علاقة بالقضية، بدءًا من الوزارة التي استجابت للتهديد، مرورًا بالدكتور الفاريسي الذي تراجع عن الوعد، وصولاً إلى النيابة العامة التي صمتت، أن يقدم تبريرات واضحة للمواطنين، إن المسرحية لم تنتهِ بعد، بل دخلت فصلاً جديدًا عنوانه “التستر الجماعي”، ويجب أن يتدخل القانون لإنهاء هذا العبث.