«لعبة المعادن الثمينة تتغير» صعود الذهب إلى قمم تاريخية يغذي تساؤلات عن ثقة المستثمرين في الدولار

بعد الصعود التاريخي للذهب إلى مستويات غير مسبوقة، تتزايد التساؤلات حول ما إذا كان المستثمرون سيبدؤون في فقدان الثقة بالدولار الأمريكي، حيث سجلت أسعار الذهب العالمية ارتفاعاً كبيراً لتقترب من 4000 دولار للأونصة، مما يثير قلقاً حول مستقبل الدولار كملاذ آمن تقليدي.

لماذا يقفز الذهب؟ وما علاقة الدولار؟

شهدت أسعار الذهب ارتفاعاً ملحوظاً نتيجة لعوامل متعددة، أهمها:

تراجع الثقة في الدولار الأمريكي

مع تزايد الأزمات السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة، بما في ذلك الإغلاق الحكومي الذي دخل أسبوعه الثاني، بدأ المستثمرون في فقدان الثقة بالدولار الأمريكي، الذي كان يعتبر تقليدياً الملاذ الآمن الأول.

توقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية

جاءت البيانات الاقتصادية الضعيفة، إلى جانب تأجيل نشر المؤشرات الاقتصادية نتيجة الإغلاق الحكومي، لتدفع الأسواق نحو توقعات بتخفيض أسعار الفائدة، مما يقلل من جاذبية الدولار، ويزيد من الإقبال على الذهب، الذي لا يدر فوائد لكنه يحافظ على قيمته أكثر على المدى الطويل.

الطلب المؤسسي على الذهب

واصلت صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) المدعومة بالذهب، والبنوك المركزية، خاصة البنك المركزي الصيني، تعزيز احتياطياتها من الذهب، حيث رفعت الصين فقط حيازتها إلى 74.06 مليون أونصة في سبتمبر، مما يشير إلى توجه عالمي نحو تنويع الاحتياطيات بعيداً عن الدولار الأمريكي.

هل بدأ المستثمرون فعلاً يفقدون الثقة بالدولار؟

تشير البيانات والسلوك الاستثماري إلى ذلك، فالمستثمرون الكبار، بدءًا من البنوك المركزية وصولًا إلى المؤسسات المالية، يتحركون بقوة نحو الذهب، مما يعكس تحولاً استراتيجياً في تقييم المخاطر العالمية، حيث أثر تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، وارتفاع الدين العام، والخلافات السياسية الداخلية على صورة الدولار كعملة احتياط عالمية.

الذهب إلى أين؟

بينما لامس الذهب مستويات 3977 دولار للأونصة، تعتقد العديد من المؤسسات المالية الكبرى أن رحلة الارتفاع لم تنته بعد، حيث قامت جولدمان ساكس برفع توقعاتها لسعر الذهب في ديسمبر 2026 إلى 4900 دولار للأونصة، كما تشير توقعات أخرى إلى إمكانية وصول الذهب إلى 4300 دولار خلال الأشهر الستة المقبلة، خاصة إذا استمر ضعف الدولار وتزايد التوترات العالمية.

ماذا عن أسعار الذهب في مصر؟

محلياً، شهد سعر الذهب عيار 21 الأكثر تداولًا تراجعًا طفيفًا في بداية جلسة اليوم إلى 5280 جنيهًا للجرام، مقارنة بإغلاق الأمس عند 5300 جنيه، في تصحيح محدود بعد الصعود القياسي، ورغم ذلك، يظل الاتجاه الصاعد مسيطرًا، خاصة مع الأداء القوي للذهب عالميًا، كما أن تراجع الدولار أمام الجنيه المصري في البنوك الرسمية لم ينعكس حتى الآن على أسعار الذهب المحلي بسبب الزخم القوي عالميًا.

هل نحن أمام تحول مالي عالمي؟

يبدو أن العالم يشهد مرحلة جديدة في إعادة توزيع الثقة بين العملات والأصول، حيث يشير صعود الذهب إلى أن الأوضاع الحالية ليست مجرد اضطرابات مؤقتة، بل تعكس تحولاً استراتيجياً طويل الأمد لدى المستثمرين والمؤسسات العالمية في التعامل مع المخاطر المالية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *