«من التردد إلى الاعتراف» فلسطين تحقق دعماً دولياً يزلزل أركان إسرائيل

شهدنا الأسبوع الأخير حدثًا غير مسبوق في تاريخ الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، مع إعلان عدد من الدول الكبرى مثل المملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا، إلى جانب فرنسا، والبرتغال، وبلجيكا، ولوكسمبورغ، ومالطا، وأندورا، وموناكو، اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، فهذه الخطوة الجماعية ليست مجرد إجراء بروتوكولي، بل نراها تعكس تحولًا ملموسًا في المزاج السياسي الغربي تجاه القضية الفلسطينية بعد عقود من التردد أو الميل لمصلحة إسرائيل.

تكريس الشرعية الدولية لدولة فلسطين

أول ما تعكسه هذه الاعترافات هو تكريس الشرعية الدولية لدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967، فهي تمنح الفلسطينيين موقعًا أقوى على الساحة العالمية، وتفتح الباب أمام مشاركتهم في المؤسسات الدولية بصفة دولة كاملة الحقوق، وليس مجرد كيان مراقب أو قضية نزاع، وهذا بحد ذاته انتصار سياسي ومعنوي، يعيد التوازن في مواجهة محاولات إسرائيل المتكررة لنزع الشرعية عن الحق الفلسطيني في تقرير المصير.

الرسالة الموجهة لإسرائيل

تكمن الأهمية الأعمق لهذه الاعترافات في الرسالة الموجهة لإسرائيل، فحين تتخذ دول مثل بريطانيا، وكندا، وفرنسا، وهم من أبرز حلفاء تل أبيب التقليديين، قرارًا تاريخيًا كهذا، فإنها تقول بوضوح إن سياسات الاحتلال والاستيطان، والعدوان المستمر على غزة والضفة، لم تعد مقبولة ولا قابلة للتبرير، فالرسالة واضحة: العالم يرفض تغطية الانتهاكات الإسرائيلية أو التعامل مع الصراع كقضية مؤجلة إلى أجل غير مسمى.

إعادة صياغة قواعد اللعبة السياسية

ما تفعله هذه الدول في الواقع هو إعادة صياغة قواعد اللعبة السياسية مع إسرائيل، فهي لا تلغي خيار المفاوضات، لكنها تقول إن التفاوض يجب أن يقوم على قاعدة واضحة وجود دولتين، إسرائيلية وفلسطينية، وليس على واقع استيطاني يبتلع الأرض ويقوض أي فرصة لحل عادل، وبهذا المعنى، فإن الاعترافات لا تمثل فقط تضامنًا مع الفلسطينيين، بل أيضًا محاولة لإنقاذ حل الدولتين من الانهيار التام.

لحظة فارقة في تاريخ القضية الفلسطينية

إنها لحظة فارقة بالفعل، فالاعترافات الأخيرة لن تحقق الدولة الفلسطينية على الأرض غدًا، لكنها تضع إسرائيل أمام واقع جديد، وتمنح الشعب الفلسطيني رسالة أمل بأن نضاله الطويل لم يذهب هباء، وأن العالم بدأ أخيرًا يترجم التعاطف إلى خطوات سياسية ملموسة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *