
تشهد صناعة الأثاث في مصر نشاطًا متجددًا ونموًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، وذلك بفضل الجهود المبذولة لتوطين الصناعة وتعزيز قدراتها التنافسية، سواء في السوق المحلية أو على مستوى التصدير. ورغم وجود بعض التحديات الناتجة عن ارتفاع أسعار المواد الخام، إلا أن القطاع يبدو مؤهلًا لاستعادة نشاطه بفضل توسعات استثمارية جديدة وظهور شركات صناعية حديثة تركز على الجودة والتكنولوجيا، بالإضافة إلى خطة حكومية بالتعاون مع القطاع الخاص لزيادة الصادرات.
أعلن المجلس التصديري للأثاث عن خطته لإنشاء دليل للمصدرين يضم الشركات المصرية في هذا القطاع ليكون أداة تسويقية فعالة تساعد في الترويج للمنتج المصري على المستوى الدولي.
كما أكد المجلس على أهمية تنظيم بعثات تجارية إلى الخارج، بالإضافة إلى استقطاب بعثات من مشترين من أسواق عربية وأفريقية واعدة مثل ليبيا والعراق والسعودية والكونغو وأنغولا.
تهدف هذه الجهود إلى فتح قنوات توزيع جديدة وزيادة حجم الصادرات وتعريف الأسواق الحديثة بأحدث منتجات الأثاث المصرية والتقنيات المستخدمة في خطوط الإنتاج.
وكشفت بيانات المجلس أن صادرات القطاع بلغت حوالي 113 مليون دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، مما يعكس تحسنًا ملحوظًا مقارنة بالعام السابق، حيث سجلت صادرات العام الماضي تراجعًا بنسبة 1.5% لتصل القيمة الإجمالية إلى 292 مليون دولار، مقارنة بـ 274 مليون دولار في عام 2023.
هذا التحسن يأتي على الرغم من الضغوط الكبيرة التي واجهها المصنعون، لا سيما بسبب الارتفاع الحاد في أسعار الأخشاب خلال العام الماضي، والتي تجاوزت 50%، مما أثر سلبًا على القدرة التنافسية للمنتج المصري في الأسواق الخارجية وأدى لتأجيل بعض خطط التوسع التصديري.
وفي إطار زيادة الاستثمارات المحلية، تم افتتاح مصنع “جوينت” التابع لشركة HMZ القابضة باستثمارات قيمتها 4 ملايين دولار، والمتخصص في إنتاج الأثاث المنزلي، حيث سيكون إنتاجه موجهًا للتصدير إلى الأسواق الأوروبية والأفريقية.
تشير التقديرات إلى أن السوق المصرية باتت أكثر استيعابًا للمنتجات المصنعة محليًا، حيث أن صناعة الأثاث تعد من أكثر الصناعات التي تعتمد على المكونات المحلية، والتي تتجاوز نسبتها 95%.
مع ارتفاع تكلفة المنتجات المستوردة وصعوبة الاستيراد، تبرز أمام المصانع المحلية فرص كبيرة للنمو بشرط الاستمرار في تحسين الكفاءة الإنتاجية وضمان استقرار أسعار مدخلات الإنتاج، وفي مقدمتها الأخشاب.
يعد التوسع في التصدير من أبرز المحاور الاستراتيجية للنهوض بالقطاع، مع التركيز على الأسواق الإقليمية في العالم العربي وأفريقيا، فضلاً عن الدول الأوروبية التي تعتبر من أكبر مستوردي الأثاث عالميًا.
يبقى الأمل معلقًا على قدرة المصانع المصرية، وخاصة الجديدة، في تقديم منتجات متميزة من حيث التصميم والجودة مع الحفاظ على تنافسية الأسعار.
على الرغم من التحديات التي واجهها قطاع الأثاث في السنوات الأخيرة، فإن الحركة الاستثمارية الحالية، خاصة من قبل القطاع الخاص، تبعث برسائل إيجابية حول مستقبل هذه الصناعة التي تمتلك مقومات حقيقية تجعلها أحد أعمدة الصناعة الثقيلة في مصر ومصدرًا هامًا للنمو الاقتصادي والتشغيل والتصدير.
تعليقات