إذا نظرنا إلى عدد المشاهدين لكل مباراة، سنجد أن هناك تناقضًا في الأرقام، إذ إن متوسط جمهور المباراة في الدوري الوطني لكرة القدم النسائية (NWSL) أعلى من نظيره في الدوري الأمريكي لكرة القدم (MLS)، ومع ذلك، يحقق الدوري الأمريكي لكرة القدم (MLS) أرباحًا تفوق بأكثر من أربعة أضعاف عوائد الدوري الوطني لكرة القدم النسائية (NWSL) من صفقات البث، على الرغم من أن الأرقام قد تبدو واضحة، فإن النتائج تعكس تأثير النفوذ والتراث ونماذج الأعمال الموروثة.
سبب الفجوة بين الرياضات النسائية والذكورية؟
عندما أبرمت شركة Apple صفقة مع دوري كرة القدم الرئيسي (MLS) بقيمة 2.5 مليار دولار لمدة 10 سنوات، كانت تهدف إلى تأمين حقوق ملكية المحتوى بشكل استراتيجي، كما شملت الصفقة منح “أبل” الملكية العالمية، وتحرير الإنتاج، بالإضافة إلى محرك اشتراك (MLS Season Pass) وحصرية الفئات داخل منصتها، لكن، بالنسبة للدوري الوطني لكرة القدم للسيدات (WNLS)، تأتي الصفقة بقيمة 60 مليون دولار سنويًا، مُقسمة بين CBS وPrime Video وESPN وION، على الرغم من حجم الصفقة الكبير بالنسبة لدوري عمره 12 عامًا، فإنها ترتكز على الإعلانات التقليدية والنوافذ الخطية، وطبقات أقل من العائدات المالية، ما يجعل الصفقة الناتجة أقل من الرقم الرئيسي، وقدّر بعض خبراء الصناعة أن القيمة الفعلية تقترب من 35 إلى 40 مليون دولار، فيما تضم الصفقة 60 مليون دولار سنويًا تكاليف الإنتاج والتسويق والمساهمات العينية، ومن منظور الأرقام، نجد أن دوري كرة القدم الرئيسي يضم 30 فريقًا، حيث يلعب كل منها 34 مباراة في الموسم العادي، بينما يتألف الدوري الوطني لكرة القدم للسيدات من 14 فريقًا، يلعب كل منها 26 مباراة، لذا، حتى مع أعلى نسبة مشاهدة لكل مباراة في NWSL، فإن MLS تنتج ما يقرب من 3 أضعاف إجمالي ساعات المحتوى.
معايير التقييم القديمة
لا شك أن الجمهور قد تغير، وكذلك عادات وسلوك المشاهدة والتشجيع، بينما لم تتغير نماذج التقييم التقليدية، إذ ارتفع متوسط عدد مشاهدي NWSL إلى 189,000 في 2024-2025، وعلى خلاف الدوريات القديمة، فإن 36% من جمهور NWSL من الذكور، ما يعكس جاذبية أوسع، ومع ذلك، لا يزال المشترون يقيمون الرياضات النسائية كما لو كان عام 2012، ففي عام 2007، كان دوري كرة القدم الرئيسي (MLS) الذي يتكون من 13 فريقًا في عامه الـ12، وبلغ متوسط عدد المشاهدين 96,000 لكل مباراة، أي ما يقرب من نصف عدد المشاهدين في NWSL اليوم في نفس المرحلة من عمره، كما أن مشتري وسائل الإعلام يستندون إلى بيانات MLS لعام 2007 عند تقييم فرص NWSL لعام 2025، وهذا يعكس عدم إدراك الإمكانات الكاملة للرياضات النسائية كفئة من الأصول، حيث تختلف تمامًا عن نموذج الذكور ولا يمكن مقارنتها بأرقام الماضي، فمثلًا، بلغت قيمة صفقة الاتحاد الوطني لكرة السلة (NBA) الإعلامية الجديدة 76 مليار دولار خلال 11 عامًا، بينما كانت قيمة صفقة الاتحاد الوطني لكرة السلة للسيدات (WNBA) أقل بنسبة 3%، أي ما يعادل 2.2 مليار دولار فقط، بالرغم من ارتفاع نسبة مشاهدة WNBA بنسبة 96% سنويًا عبر شبكة ESPN، لذلك أظهرت الأرقام أن المسألة لا تتعلق بالأداء، بل بمن يملك النفوذ وكيفية تقييم المخاطر واعتبارات اتخاذ القرار، كما أن هناك مفاهيم خاطئة تروج لفكرة أن صعود الدوريات النسائية يهدد التقاليد القديمة، ولكن العكس هو الصحيح، فهي تتوسع في إطلاق جمهور مستهدف أكبر، ولا ينبغي اعتبارها كرهان خاسر، فقد أدى نجاح لاعبة كرة السلة الأمريكية كيتلين كلارك إلى تسجيل رقم قياسي في بطولة سوبر بول 2025 بـ 127.7 مليون مشاهد.
الفرص الضائعة
تواجه السوق الرياضية تحديات في عدم القدرة على استيعاب ما يحدث فعليًا على الأرض، بدءًا من عدد المشاهدين إلى تفاعل المعجبين، في انتظار مقارنات سهلة مع المقاييس التقليدية التي لا يمكن مقارنتها حقًا، وإذا استمرت استراتيجية تحديد الأسعار في الاعتماد على التاريخ بدلاً من حجم التفاعل، فإن الرياضات النسائية ستفقد الكثير، ومنذ سنوات، بدأت شركات صحة المرأة، مثل: Sequel وEli Health وMidi Health وCofertility، كاستثمارات، بينما كان ينظر إليها البعض بأنها حالات استثنائية، لكنها الآن تعيد تعريف الفئات، كما لا تزال الرياضة النسائية تسير على نفس الدرب، لكن العالم قد اختلف الآن، حيث يتطلب الأمر جذب اهتمام أولئك المعنيين بأبرام الصفقات، لضمان فهم مطالبنا أو المضي قدمًا في اتخاذ قراراتنا الخاصة.