تحديات الكتابة والنشر في مصر: نقاش ثري في مكتبة الإسكندرية

نظمت مكتبة الإسكندرية يوم الأربعاء ندوة تحت عنوان “مشكلات صناعة النشر في مصر”، وذلك ضمن فعاليات الدورة العشرين لمعرض المكتبة الدولي للكتاب. وشارك في الندوة كل من حلمي النمنم، وزير الثقافة الأسبق، وفريد زهران، رئيس اتحاد الناشرين المصريين، تحت إدارة محمود عبد النبي، عضو مجلس إدارة الاتحاد.

تناولت الندوة التحديات الهيكلية التي تواجه قطاع النشر في مصر، حيث أكد فريد زهران على ضرورة اعتبار النشر صناعة متكاملة بدلاً من كونه مجرد تجارة. وقد أشار إلى أن هذه الرؤية الخاطئة تؤثر على التشريعات الحالية، بما في ذلك القانون الذي ينظم عمل اتحاد الناشرين، والذي لا يعكس الطابع الإبداعي والإنتاجي لهذا القطاع.

واستعرض زهران المشكلات الرئيسية التي تعيق نمو الصناعة، بما في ذلك قلة هامش الحريات الذي يؤثر سلبًا على الإبداع وضعف حماية حقوق الملكية الفكرية. كما أشار إلى أن الغرامات المفروضة على انتهاك حقوق النشر ليست كافية، مُبرزًا تأثير أسعار مستلزمات النشر المرتفعة والتمييز غير العادل من المؤسسات الحكومية التي تقدم النشر بأسعار مدعومة.

واقترح زهران ضرورة تقديم دعم مباشر لدور النشر من خلال قيام مؤسسات الدولة، مثل المدارس ومراكز الشباب والكنيسة والأزهر، بشراء الكتب وتوفيرها في مكتباتها العامة، مما سيساعد في إنعاش الصناعة وزيادة وصول الكتاب إلى جمهور واسع.

من جانبه، أشاد حلمي النمنم باستمرار المعرض، مؤكدًا على أهمية اختيار مصطلح “صناعة النشر” عنوانًا للندوة، لما له من دلالات على أهمية وجود بنية تحتية وإطار قانوني داعم. وأوضح أن بعض مشكلات النشر، مثل غلاء الورق، يمكن التغلب عليها، لكن القضايا الجوهرية تتعلق بالقوانين التي لا تزال متأثرة بسياقات اجتماعية وسياسية قديمة، مُشيرًا إلى الحاجة إلى إعادة صياغتها بمشاركة البرلمان واتحاد الناشرين.

كما دعا النمنم إلى توسيع نطاق معارض الكتاب لتشمل الجامعات والمدن المختلفة، مشيرًا إلى وجود 204 جامعة و200 مدينة في مصر، مما يتطلب تنظيم ما لا يقل عن 400 معرض سنويًا لتحقيق العدالة الثقافية وتنشيط السوق.

وفيما يتعلق بارتفاع أسعار الكتب، أكد النمنم على أهمية تفعيل المكتبات المدرسية ومراكز الشباب وقصور الثقافة لنشر الكتاب. وانتقد النقص في الأمانة العلمية لدى بعض الكتّاب والناشرين، مشيرًا إلى التطورات الثقافية السطحية الحالية، ودعا دور النشر إلى إنشاء لجان تحرير تحدد الموضوعات وتُعالجها بشكل أعمق، كما أكد على ضرورة إدراج صناعة الكتاب ضمن الميزانية العامة للدولة باعتبارها جزءًا اساسيًا من الاقتصاد الثقافي.

تستمر فعاليات الدورة العشرين لمعرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب حتى 21 يوليو الجاري، بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للكتاب، واتحاد الناشرين المصريين والعرب، وتُجرى أيضًا في القاهرة عبر “بيت السناري” و”قصر خديجة”، بمشاركة 79 دار نشر، بالإضافة إلى تقديم أكثر من 215 فعالية ثقافية بمشاركة نحو 800 مفكر ومثقف وباحث.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *