«موقف حزب الوعي من التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن ارتفاع أسعار المحروقات»

عبر “حزب الوعي” بكل ما يحمله من انحياز وطني مسؤول، عن بالغ قلقه إزاء القرارات الأخيرة برفع أسعار المحروقات، بمختلف أنواعها من بنزين وسولار وبوتاجاز منزلي، وربما كهرباء وغاز طبيعي لاحقًا، لما تمثله من عبء جديد يُضاف إلى كاهل المواطن المصري، الذي بات يعيش يوميًا تحت ضغط معادلة قاسية بين الدخل وارتفاع تكاليف الحياة.

البيان والمطالب الشعبية

وقال الحزب في بيان له، إنه في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن تحسن المؤشرات الاقتصادية، يروي الواقع اليومي حكاية أخرى، حكاية صبرٍ ممتد بلا مقابل، وأملٍ مؤجل لا تلوح له بشائر، متسائلًا بالقول: متى يشعر المواطن فعلاً بثمار الإصلاح الاقتصادي؟، ومتى يتحول التحسن المعلن بالأرقام إلى واقع ملموس في معيشة الناس؟، لقد سمع المصريون كثيرًا عن ارتفاع معدلات النمو وتراجع التضخم واستقرار سعر الصرف وتحسّن التصنيف الائتماني، لكن ما يصل إلى موائد الأسر محدودة الدخل والمتوسطة، وفوق المتوسطة (إن وجدت)، لا يعكس شيئًا من تلك المؤشرات أو التصريحات الحكومية، بل يبدو أن هناك فجوة تتسع بين خطاب الأرقام وخطاب الشارع، بين ما يُقال في المؤتمرات وما يُقال في البيوت التي تتضاءل فيها القدرة على تلبية أبسط الاحتياجات.

التنمية وكرامة المواطن

وأشار البيان إلى أن “حزب الوعي” يذكر الحكومة بأن التنمية ليست أرقامًا فقط، بل هي شعور المواطن بالكرامة والقدرة على العيش الكريم، وأن السياسات الاقتصادية التي تدار بمعزل عن الواقع الاجتماعي تفقد معناها مهما بدت متماسكة نظريًا، فزيادة الأسعار المتتالية، مهما حاولت الحكومة تبريرها وحتى وإن كانت مقبولة اقتصاديًا، فإنها قاسية مجتمعيًا، بينما تضعف الثقة العامة، وتخلق حالة من الإحباط الجماعي، وتعيد إنتاج نفس الدائرة المغلقة التي يظل فيها المواطن هو الممول الأول لعجز الموازنة، وهو الذي يُطلب منه الصبر في كل مرة، بينما يظل نصيبه من التحسن مؤجلاً إلى إشعارٍ غير معلوم.

خطوات الإصلاح والمقاربة الاجتماعية

وأوضح بيان الحزب أنه كان من الأولى أن تُستكمل خطوات الإصلاح بمقاربة اجتماعية موازية، تعيد التوازن بين الأعباء والمكتسبات، وتضمن عدالة توزيع كلفة الإصلاح، قبل الحديث عن مكاسبه، فليس من المنطقي أن تُرفع الأسعار في وقت ما زال فيه متوسط الأجور الحقيقية أدنى من قدرته الشرائية قبل سنوات، وما زالت الضرائب المباشرة وغير المباشرة تستنزف ما تبقى من دخول الطبقة الوسطى، وما زال القطاع غير الرسمي يعيش على الهامش بلا حماية، فيما تتسع الفجوة بين من يملك القدرة على امتصاص الصدمات ومن يقف في وجهها بلا درع.

إدارة الأزمة وتحديات المستقبل

واستطرد البيان قائلاً: “حزب الوعي”، وهو يعي حساسية الظرف الاقتصادي الراهن، لا ينكر حجم التحديات العالمية التي تواجهها الدولة، من اضطرابات سلاسل الإمداد إلى تقلبات أسعار الطاقة العالمية وضغوط الدين الخارجي، لكنه يؤكد في الوقت نفسه أن إدارة الأزمة لا يجب أن تكون على حساب المواطن البسيط، ولا أن تتحول قدرته على التحمل إلى موردٍ تمويلي دائم.

الإصلاح الحقيقي وبناء الثقة

وتابع: الإصلاح الحقيقي لا يقوم على تحميل الضعفاء كلفة السياسات، بل على بناء منظومة إنتاج حقيقية، ترفع كفاءة الاقتصاد وتُوسع قاعدته الضريبية عبر النمو، لا عبر الجباية الإجبارية، والمطلوب اليوم ليس مجرد تهدئة الرأي العام بتصريحات متفائلة أو سرديات اقتصادية لا يفهمها البسطاء، وربما لا يتفق معها الخبراء، بل صياغة عقد اجتماعي جديد يعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمواطن، بحيث يشعر كل مصري أن تضحياته تُثمر فعلاً، وأن ما يُقتطع من دخله يعود عليه وعلى أسرته في شكل خدمات وتعليم وصحة وفرص عمل حقيقية، ويجب أن تراجع الحكومة أولويات إنفاقها بجرأة، وأن تُحجم أوجه الصرف غير الضرورية، وأن توجه كل قرش نحو تحسين حياة الناس، لا نحو مشروعات تفتقد الجدوى الاقتصادية المباشرة أو التأثير الاجتماعي الفعال أو إنفاق حكومي غير رشيد.

ختام البيان والدعوة إلى التغيير

وعبر “حزب الوعي” عن انحيازه الكامل لحق المواطن في العيش الكريم، يدعو الحكومة إلى مصارحة الشعب بخططها الحقيقية لإعادة التوازن بين كلفة الإصلاح وثماره، كما يدعوها إلى التوقف عن الاعتماد المفرط على الحلول السهلة القائمة على رفع الأسعار والضرائب، واستبدالها بسياسات إنتاجية واستثمارية تُعظم الموارد وتقلل الاعتماد على جيوب المواطنين، فليس من العدل أن يبقى المواطن هو الخزانة الاحتياطية للدولة في كل أزمة، وليس من المنطق أن تستمر الحكومة في إعلان مؤشرات التحسن، فيما لا يجد الناس في واقعهم سوى اتساع الفجوة بين الدخل ومتطلبات الحياة.

واختتم بيانه قائلاً: اللحظة الراهنة تتطلب مصارحة، وشجاعة في الاعتراف، وإرادة في التصحيح، فالمجتمعات لا تنهض بالوعود، وإنما بالفعل، ولا تستقر بالتحمل وحده، بل بالعدالة في توزيع الأعباء، ولا تُبنى الثقة بالخطاب الرسمي فقط، بل بالشعور الجمعي بأن الدولة تُنصت وتستجيب، حزب الوعي يؤمن بأن مصر قادرة على تجاوز كل التحديات، متى وُضعت مصلحة المواطن في صدارة القرار، ومتى أُعيد الاعتبار لسياسات التنمية الشاملة التي توازن بين الاقتصاد والإنسان، بين الحسابات المالية والعدالة الاجتماعية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *