«منافسة العصر.. من يتربع على عرش الذهب والتكنولوجيا؟»

تشير توقعات البنك الدولي إلى مسار متباين للأسواق العالمية، حيث تتجه أسعار السلع الأساسية نحو التراجع المستمر، بينما يستمر الذهب والفضة في تسجيل مستويات قياسية، مدعومين بعوامل عدم اليقين الاقتصادي والتوترات الجيوسياسية. وفي الوقت ذاته، تواصل أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى صعودها القوي، ما يخلق توازناً معقداً في المشهد الاستثماري العالمي.

تراجع السلع الأساسية

توقع البنك الدولي أن تتراجع أسعار السلع الأساسية عالمياً إلى أدنى مستوياتها خلال سنوات عدة بحلول عام 2026، بعد أن سجلت زيادة بنسبة 42% خلال العام الماضي، ويتوقع البنك المفاجئ تراجع أسعار السلع الأساسية بنسبة 7% في عامي 2025 و2026، ليسجل بذلك انخفاضاً للعام الرابع على التوالي، ويعزى هذا التراجع بشكل رئيسي إلى ضعف النمو الاقتصادي العالمي وحالة عدم اليقين، كما أشار التقرير إلى أن أسعار سلع رئيسية مثل الأرز والقمح والذرة قد تراجعت بالفعل بفضل وفرة الإمدادات عالمياً، ما ساهم في تحسين توافر الغذاء بأسعار معقولة في الدول النامية.

صعود المعادن النفيسة

توقع البنك الدولي استمرار صعود أسعار الذهب والفضة، مع بلوغها مستويات قياسية في عام 2025، ويرى التقرير أن استمرار البنوك المركزية في شراء الذهب لتقوية احتياطاتها النقدية هو عامل هيكلي رئيسي يدعم الأسعار، إلى جانب تزايد الطلب على الأصول الآمنة في ظل التوترات الجيوسياسية والصراعات الإقليمية التي قد تدفع أسعار النفط للارتفاع مجدداً، وتخلق العلاقة بين الذهب (كملاذ آمن) وأسهم التكنولوجيا (كأصول عالية المخاطر والنمو) وقوة الدولار (كمقياس للثقة) ديناميكية فريدة في السوق، حيث يتحرك سعر الذهب تاريخياً في علاقة عكسية مع قوة الدولار الأمريكي، فعندما يرتفع الدولار، يصبح الذهب أكثر تكلفة للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى، ما يضغط على الطلب والسعر.

بيانات التضخم

على الرغم من توقعات البنك الدولي بارتفاع الذهب، فإن قوته غالباً ما تتأثر ببيانات التضخم وقرارات البنوك المركزية (خصوصاً الاحتياطي الفيدرالي)، إذا استمر الدولار في مساره الصاعد كعملة ملاذ آمن عالمية، فإنه قد يخفف من حدة صعود الذهب، ومع ذلك، فإن دوافع صعود الذهب الحالية (مشتريات البنوك المركزية وعدم اليقين الجيوسياسي) هي عوامل هيكلية تتجاوز التقلبات اليومية لسعر الدولار.

الذهب وأسهم شركات التكنولوجيا

الذهب مدفوع بـ «الخوف» و«عدم اليقين» وحاجة المستثمرين إلى تحييد المخاطر، أما أسهم التكنولوجيا فهي مدفوعة بـ «التفاؤل» و«النمو» والإنفاق الهائل على الذكاء الاصطناعي (AI)، ما يمثل قوة جاذبة لرأس المال الباحث عن العائد المرتفع، وعندما تعلن شركات التكنولوجيا عن أرباح قوية، يميل المستثمرون إلى تحويل رؤوس الأموال من الأصول الأقل عائداً (مثل الذهب الذي لا يدر فائدة) إلى أسهم النمو، ما يفسر سبب استقرار مؤشرات الأسهم أو صعودها حتى في الأيام التي يشهد فيها الذهب تراجعاً بسبب جني الأرباح.

ملجأ مقابل نمو

في المحصلة، يعد الذهب ملاذاً آمناً طويل الأجل، بينما تمثل أسهم التكنولوجيا رهاناً على النمو المستقبلي، وكلاهما يزدهر في بيئة تسودها التحولات والتقلبات الاقتصادية، يظهر تقرير البنك الدولي اهتماماً خاصاً بالفضة، التي توصف بأنها «الذهب الصناعي» لما لها من دور مزدوج، حيث تستفيد الفضة من حالة عدم اليقين والطلب على الأصول الآمنة، حيث ترجح التوقعات ارتفاعها بنسبة 34% في 2025 و8% إضافية في 2026، يعزز مستقبل الفضة بطلبها المتزايد في القطاعات الصناعية الناشئة، خصوصاً الطاقة الشمسية (الألواح الكهروضوئية) والإلكترونيات، ما يمنحها ميزة نمو لا يمتلكها الذهب بالقدر نفسه.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *