دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)– تتجه الأنظار إلى قمة شرم الشيخ للسلام المقرر انعقادها، الاثنين، وسط آمال بأن تسفر عن خطوات عملية لوقف الحرب في قطاع غزة وإرساء دعائم الاستقرار في المنطقة، فيما بدأت تداعياتها الاقتصادية تنعكس مبكرًا على الوضع المحلي.
التوقعات الاقتصادية وتأثيرها على الأسعار
في ظل انخفاض أسعار النفط عالميًا، وتراجع الدولار أمام الجنيه، يرجح خبراء أن تؤجل الحكومة المصرية تحريك أسعار الوقود المباعة للمواطنين، لتخفيف الأعباء المعيشية، وذلك في وقت يستعد فيه الاقتصاد المصري لاقتناص فرص المشاركة في إعادة إعمار غزة.
تحفيز الإنتاج ودعم قطاع البناء
تتجه الحكومة إلى تحفيز شركات الأسمنت ومواد البناء لزيادة الإنتاج استعدادًا لتلبية الطلب المتوقع مع انطلاق مشروعات الإعمار، تزامنًا مع إعلان استضافة مصر لمؤتمر دولي للتعافي المبكر وإعادة إعمار القطاع، وفق بيان رسمي لرئاسة الجمهورية، عقب اتصال الرئيس عبدالفتاح السيسي بنظيره القبرصي نيكوس كريستودوليدس، الذي تناول سبل وقف الحرب وتأمين تدفق المساعدات الإنسانية.
خفض أسعار الوقود والتضخم
قال رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، فخري الفقي، إن انخفاض أسعار النفط عالميًا يفتح المجال أمام الحكومة المصرية لطلب إرجاء رفع أسعار الوقود من صندوق النقد الدولي، في ظل استمرار تراجع معدلات التضخم وتحسن مؤشرات سعر الصرف.
التأثير على الموازنة العامة للدولة
هذا التوجه قد يسمح للبنك المركزي بخفض سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، وهو ما سينعكس إيجابًا على الموازنة العامة للدولة، بتوفير نحو 65 مليار جنيه (1.4 مليار دولار) من تكلفة فاتورة الدين، كما أن تراجع سعر الدولار أمام الجنيه يسهم أيضًا في خفض تكلفة مستلزمات الإنتاج، مما يجعل الأسعار تتراجع تدريجيًا مع اكتمال دورة الإنتاج التي تستغرق نحو ثلاثة أشهر.
ارتباط رفع الأسعار بموافقة صندوق النقد
أكد الفقي في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن قرار إرجاء زيادة أسعار الوقود لا يزال مرتبطًا بموافقة صندوق النقد الدولي، مشيرًا إلى أن وفدًا وزاريًا مصريًا سيجتمع خلال الأيام المقبلة مع بعثة الصندوق على هامش اجتماعات الخريف لمناقشة هذا الملف.
آلية تسعير الوقود والتوجهات الحكومية
اعتمدت الحكومة في تسعير الوقود المقدم للمواطنين على آلية التسعير التلقائي، التي تراعي ثلاثة عوامل رئيسية: سعر النفط عالميًا، سعر الدولار أمام الجنيه، تكلفة الإنتاج المحلي، كما أن مراجعة الشريحتين الخامسة والسادسة من برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد، تتضمن إلغاء دعم المواد البترولية تدريجيًا لضمان توجيه الدعم لمستحقيه وترشيد الإنفاق العام.
أعباء الدعم والعبء المادي
استمر إنفاق الموازنة نحو 155 مليار جنيه (3.3 مليار دولار) خلال موازنة العام المالي الماضي على دعم البترول، وهو ما يُعتبر عبئًا كبيرًا، خاصة وأن نصف هذا الدعم يذهب لغير المستحقين، مثل الأثرياء والدبلوماسيين والضيوف الأجانب، لذا ترشيد الدعم أصبح ضرورة لإعادة توجيه الموارد لصالح الفئات الأكثر احتياجًا.
توقعات أسعار الوقود والمزيد من الخلافات
تبلغ تكلفة إنتاج لتر البنزين نحو 21 جنيهًا (0.44 دولار) عند تسعير خام برنت عند 75 دولارًا للبرميل، في حين أن السعر العالمي الحالي للنفط يبلغ نحو 65 دولارًا، ومع استقرار سعر الدولار عند 47.5 جنيه مقارنةً بـ50 جنيهًا المقدرة في الموازنة، واستقرار تكاليف التكرير والتوزيع، فإن تكلفة الإنتاج الفعلية تنخفض إلى نحو 20 جنيهاً (0.42 دولار) للتر. قد تتجه الحكومة إلى زيادة محدودة في أسعار بعض أنواع البنزين مثل “بنزين 95” بهدف تطبيق الدعم التكافلي وترشيد التكلفة، مع الاستمرار في تحمل جزء من تكلفة السولار وأسطوانات البوتاجاز، لحين تطبيق نظام الكارت المدعم الذي تستهدفه الدولة لدعم نحو 60 مليون مواطن من الأسر المستحقة فقط.
التوقعات المستقبلية للتضخم
مع تسجيل معدلات التضخم انخفاضًا ملحوظًا خلال سبتمبر/أيلول الماضي، ومع عدم تحريك أسعار السولار والبوتاجاز، يتوقع أن يواصل التراجع خلال أكتوبر/تشرين الأول الجاري، مما يدعم مستهدفات الدولة في السيطرة على التضخم.
زيادة حركة الملاحة وانعكاسات اتفاق السلام
إن التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب في غزة قد يسهم في زيادة حركة الملاحة عبر قناة السويس، فضلًا عن توقعات ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى نحو 40 مليار دولار خلال العام الجاري، إلى جانب نمو الصادرات والسياحة مع قرب افتتاح المتحف المصري الكبير واستقرار الأوضاع الإقليمية، وهي عوامل يرون أنها ستدعم مزيدًا من تراجع الدولار ليقترب من مستوى 40 جنيهًا، وتستمر انخفاض التضخم خلال الفترة المقبلة.
الإنتاج المحلي للأسمنت والتوقعات المستقبلية
قال رئيس شعبة الأسمنت بغرفة مواد البناء باتحاد الصناعات المصرية، أحمد شيرين كريم، إن إجمالي إنتاج مصر من الأسمنت يبلغ نحو 85 مليون طن سنويًا، فيما بلغ الاستهلاك المحلي نحو 47 مليون طن خلال العام الماضي، مع توقعات بارتفاعه إلى ما بين 51 و52 مليون طن خلال العام الجاري. صادرات الأسمنت المصرية سجلت نحو 19 مليون طن في 2024، لكنها قد تشهد انخفاضًا طفيفًا خلال العام الحالي، نتيجة تغيرات الطلب في بعض الأسواق الخارجية.
الاستعدادات لمشروعات الإعمار وزيادة الطلب
تنتج مصر سنويًا نحو 76 مليون طن من الكلينكر، وهو المكون الرئيسي في صناعة الأسمنت، إلا أن جزءًا من خطوط الإنتاج لا يعمل بكامل طاقته، مما يخلق فائضًا في الإنتاج يقدر بنحو 5 ملايين طن بعد تلبية احتياجات السوق المحلية ومتطلبات التصدير. السوق تشهد زيادة في الطلب المحلي تتراوح بين 5 و10% خلال العام الحالي، في ظل الاستعدادات الحكومية لمشروعات إعادة إعمار غزة، بالإضافة إلى الطلب المتوقع من ليبيا والدول المجاورة، مما يدفع الدولة إلى تحفيز شركات الأسمنت على رفع الإنتاج وتوسيع طاقاتها التشغيلية.
تشجيع المصانع وزيادة الإنتاج
زيادة الإنتاج تتطلب إعادة تشغيل الخطوط المتوقفة، والبالغ عددها نحو 6 خطوط إنتاج، موضحًا أن الدولة تسعى لدعم المصانع وتشجيعها على استعادة كامل طاقتها من خلال منح حوافز تشجيعية، أبرزها خصم بنسبة 50% من مصروفات التراخيص للمصانع التي ترفع إنتاجها وتضخ كميات إضافية في السوق المحلي.