«قصة إبراهيم معيوف المسعودي المحزنة التي عكست معاناة السعوديين في السجون»

في أعماق السجون السعودية، حيث تختلط دموع الأمهات بأنين الأسر المكلومة، تبرز قصة تلامس شغاف القلوب وتذكر بالأجر العظيم في عتق الرقبة. إبراهيم معيوف المسعودي، الرائد السابق في الدفاع المدني، ليس مجرد اسم في سجل قضائي، بل رمز للإنسانية والتوبة والألم العائلي الذي ينتظر لمسة الخير ليُفرج. منذ سبع سنوات، وهو يقضي أيامه خلف القضبان، محملًا بدينٍ يبلغ 50 مليون ريال سعودي كدية لضحية قضية قتل غير متعمدة، أشعلت قصته حملة تضامن وطنية ألهبت وسائل التواصل الاجتماعي، وجعلت من هاشتاغ “#عتق_رقبه_ابراهيم_المسعودي” صرخة إغاثة ترددت في كل ركن من أركان المملكة.

من بطل الدفاع المدني إلى أسير القدر

كان إبراهيم، الرجل الذي عُرف بين زملائه وأهل محافظة البدع في منطقة تبوك بـ”الرائد الطيب”، يقضي سنوات طويلة في خدمة وطنه، انضم إلى الدفاع المدني، حيث برز كضابط مجتهد ومتعاون، يُعرف بأخلاقه العالية وحبه للناس، في عام 2019، زار مدير الدفاع المدني بتبوك، العميد أحمد بن محمد الشهراني، إدارة المحافظة، وكان الرائد إبراهيم في استقباله، يُمثل الوجه الإيجابي للجهاز الأمني الذي يحمي الأرواح يوميًا، لم يكن أحد يتخيل أن هذا الرجل الذي ينقذ الآخرين من النيران والكوارث، سيجد نفسه يومًا أسيرًا لظروف قاسية.

القدر، الذي لا يُسأل عن حكمه، دبر أمرًا في قضية قتل غير متعمدة أدت إلى وفاة الطرف الآخر – رحمه الله، حُكم على إبراهيم بالسجن، وعليه دية تقدر بـ50 مليون ريال، مبلغ هائل يُشبه الجبل الذي لا يُقهر، لم يكن الفعل متعمدًا، كما يؤكد أقاربه وأصدقاؤه، بل ابتلاءً من السماء، لكن الشرع يُلزم بالدية كتعويض لأهل المتوفى، اليوم، بعد سبع سنوات من الحبس، يعيش إبراهيم في زنزانة تُحاصره، محرومًا من حضن أسرته، بينما تنتظره أمٌّ تُدعو له كل ليلة، وثمانية أبناء فقدوا أباهم في أصعب مراحل حياتهم.

عائلة تُصارع الفقدان والأمل

الألم لا يقف عند إبراهيم وحده؛ إنها قصة أسرة كاملة تُمزقها السنين، ثمانية أبناء، منهم فتاة رحمها الله وهي صغيرة، ينتظرون عودة الأب الذي كان يُمسح على رؤوسهم ويُدعو لهم بالتوفيق، الأم، التي تُروى عنها قصص الدعاء الدؤوب، تُكرر: “اللهم فرج هم إبراهيم كما فرجت همومنا في الماضي”، الفقدان المزدوج – فقدان الأب لأبنائه، والأبناء لأبيهم – يُحول الحياة إلى سلسلة من الليالي السوداء، لكن الإيمان يُبقي شعلة الأمل مشتعلة، كما قال أحد أقاربه في منشور على “إكس”: “ابراهيم يناشدكم أهل الخير، في رقبته 11 نفس تنتظر الفرج”.

هذه القصة ليست جديدة في المجتمع السعودي، حيث تُشكل الديات عبئًا ثقيلًا على العائلات، لكن حملة إبراهيم أصبحت رمزًا للتكافل الاجتماعي، منذ أيام قليلة، انتشرت الدعوات على وسائل التواصل، مع آيات قرآنية تُذكر بفضل عتق الرقبة: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}، وسرعان ما تحولت إلى هاشتاغ يتجاوز مئات الآلاف من التفاعلات.

حملة الخير: من النداء إلى الفعل

بدأت الحملة كصرخة من أحد الأقارب، سرعان ما انتشرت كالنار في الهشيم، “ساهموا ولو بالريال الواحد، فالريال يفرق”، هكذا يُلخص المنشورات الشعبية الرسالة، اليوم، أصبحت حملة “عتق رقبة إبراهيم المسعودي” نموذجًا لكيفية تحول التواصل الاجتماعي إلى جسر للإحسان، مشاهير وعاديون، من الرياض إلى تبوك، يتسابقون للمساهمة، مستذكرين قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه”، حتى الآن، جمعت الحملة جزءًا من المبلغ، لكن الـ50 مليون لا تزال جبلًا يحتاج إلى يد الله ثم أيدي المحسنين.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *