فنلندا بالعربي _ يونس إجيري
في خطوة بارزة تسلط الضوء على تحدٍ كبير تواجهه الأسر الفنلندية اليوم، نشرت النائبة في البرلمان الفنلندي سوزان بايفارينتا (حزب الائتلاف الوطني) يوم الجمعة منشورًا عبر حسابها الرسمي، حيث تناولت فيه أهمية توفير الفرص المتساوية للأطفال لممارسة الهوايات، خصوصًا في ظل الارتفاع الملحوظ في رسوم الأنشطة الرياضية.
مقال مؤثر لطالبة في الثامنة
ما يميز منشور بايفارينتا هو أنه لم يقتصر على الجانب السياسي أو الإحصائيات، بل أفسحت المجال لطالبة في الصف الثامن تُدعى ماريانا كانتولا، التي شاركت معها ضمن برنامج “تيتي” المهني لطلبة المدارس، حيث كتبت ماريانا مقالًا صادقًا ومؤثرًا عن التحديات التي يواجهها الأطفال من أسر ذات دخل محدود في الانخراط في الأنشطة الرياضية.
واقع مؤلم
أشارت ماريانا في مقالها إلى حقيقة مؤلمة تتمثل في أن “الرياضة أصبحت اليوم مكلفة لدرجة أنها حكر على أطفال العائلات الغنية”، حيث قد تصل رسوم بعض الرياضات، مثل التشجيع (cheerleading)، إلى أكثر من 5000 يورو سنويًا، مما يُقصي كثيرًا من الأطفال الموهوبين بسبب عدم قدرتهم المالية، على الرغم من رغبتهم القوية في المشاركة.
أسئلة تحمل معاني عميقة
تناولت ماريانا في منشورها تساؤلًا محوريًا: “ماذا لو فضّل طفلٌ ركوب الخيل، ولكن الوالدين غير قادرين على دفع مبالغ باهظة؟”، مما يعكس الغياب العادل في فرص ممارسة الهوايات، خاصةً في حالات الأسر ذات الدخل المحدود أو العائلات الكبيرة.
التهميش الاجتماعي
كما أكدت أنه في حال غياب الهوايات، قد يواجه الأطفال التهميش الاجتماعي، إذ غالبًا ما تنشأ الصداقات والعلاقات الاجتماعية في سن مبكرة من خلال الأنشطة الرياضية أو الفنية.
رد سياسي: ميزانية 19.4 مليون يورو
أوضحت النائبة بايفارينتا أن الحكومة خصصت 19.4 مليون يورو في اقتراح ميزانية العام المقبل لدعم هوايات الأطفال والشباب، وذكّرت بأن البرنامج الحكومي ينص على ضمان حصول كل طفل وشاب في فنلندا على فرصة ممارسة هواية واحدة على الأقل يحبها.
وأضافت بايفارينتا: “آمل أن يستمر هذا الدعم ويشمل جميع البلديات، ليتمكن كل طفل وشاب من ممارسة الرياضة.”
نداء لإنشاء صناديق دعم
دعت الطالبة ماريانا، عبر مقالها، إلى إنشاء صناديق دعم تتيح للأطفال من الأسر ذات الدخل المحدود ممارسة الرياضة في الأندية الرياضية، كما حثّت هذه الأندية على مراجعة هيكل التكاليف والعمل على تخفيض الرسوم لضمان شمولية أكبر.
رسالة هامة للمجتمع والسياسيين
في ظل الحديث المتزايد عن أهمية تعزيز النشاط البدني لدى الأطفال، يأتي هذا الطرح ليضع الإصبع على الجرح: لا يمكن مطالبة الأطفال بالمشاركة في الرياضة دون توفير بيئة مُمكِّنة وعادلة للجميع، وتكشف هذه الرسالة القادمة من شابة في الصف الثامن عن وعي اجتماعي متقدم، ورسالة يجب أن تُقرأ بتمعن من قبل صانعي القرار.
ما بين صوت طالبة يعبر عن معاناة جيلها، واستجابة برلمانية تُظهر اهتمامًا ملموسًا، يتشكّل نموذج حواري صحي يجب تعزيزه، غير أن التحدي الحقيقي يكمن في تحقيق العدالة الرياضية على أرض الواقع، وضمان أن لا تتحول الهوايات إلى امتياز طبقي لا يناله إلا الميسورون.