دور المبادرات الرئاسية في إعادة تشكيل مكافحة السرطان: مسؤولية مجتمعية تتجاوز الحدود

دور المبادرات الرئاسية في إعادة تشكيل مكافحة السرطان: مسؤولية مجتمعية تتجاوز الحدود

أكدت الدكتورة ميرفت السيد، مديرة المركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة في الإسكندرية، أن المبادرات الرئاسية المتعلقة بالكشف المبكر والتطعيمات المجانية بدأت تُحدث تغييرات حقيقية في مواجهة السرطان بمصر، وخاصةً مع انطلاق الحملة القومية الكبرى “من بدري أمان”، والتي تأتي ضمن الجهود الوطنية للحد من انتشار الأمراض السرطانية وتعزيز الوقاية المبكرة.

وأشارت “السيد” خلال حديثها الأسبوعي في “الروشتة الذهبية” إلى أن السرطان يعتبر مجموعة من الأمراض الخطيرة الناجمة عن نمو غير طبيعي للخلايا، مما يؤدي إلى تدمير الأنسجة الصحية وانتشار المرض إلى أعضاء أخرى. وأوضحت أن الفحص الدوري يُعد الأداة الأساسية لاكتشاف المرض في مراحله المبكرة، مما يزيد من فرص العلاج والشفاء.

كما أبدت اهتمامها الخاص بسرطان عنق الرحم، الذي يُعد رابع أكثر الأنواع شيوعًا بين النساء عالميًا. لفتت إلى أن أكثر من 90% من الحالات ناتجة عن عدوى بفيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، وهو فيروس شائع ينتقل غالبًا عبر العلاقة الجنسية، وهذه الإصابة لا تظهر عليها أعراض واضحة، مما يجعل الفحص والتطعيم أمرين حيويين للوقاية.

وأضافت أن المبادرة الرئاسية “من بدري أمان” التي أطلقت في يونيو الجاري تهدف إلى الكشف المبكر عن خمسة أنواع من السرطان: الثدي، البروستاتا، القولون، الرئة، وعنق الرحم. وتعتبر هذه المبادرة الأولى من نوعها التي تشمل تطعيم الفتيات من سن 9 إلى 15 عامًا بلقاح HPV بشكل مجاني، بدءاً من محافظات الدلتا، تمهيدًا لتعميمها على مستوى الجمهورية.

وأكدت “السيد” أن الحملة تمثل نموذجًا متكاملًا يجمع بين التطعيم، التوعية، والفحص المجاني. وقد نظمت الفرق الطبية قوافل طبية وفتحت وحدات الرعاية الأساسية لاستقبال النساء والفتيات، بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني مثل روتاري مصر، حيث تم تطعيم آلاف الفتيات وإجراء فحوصات الكشف المبكر بالمجان.

وأشارت إلى أن محافظة الإسكندرية، التي تُعد من أعلى المحافظات كثافة سكانية، تستعد لاستقبال الحملة خلال الأسابيع المقبلة، حيث تحولت تجربة الكشف من إجراء محرج إلى خدمة ذكية تحافظ على الخصوصية وتراعي الجوانب الاجتماعية، خاصة أن الدراسات تشير إلى أن 82% من النساء المصريات لم يسمعن عن لقاح HPV من قبل، بسبب مزيج من الجهل والحرج والتكلفة.

وختمت حديثها بالتأكيد على أن مواجهة السرطان لم تعد مسؤولية الأطباء وحدهم، بل أصبحت مسؤولية مجتمعية تعتمد على الوعي والوقاية. ودعت إلى دمج لقاح HPV ضمن برامج التطعيمات الأساسية في المدارس، مشيرة إلى أهمية المعرفة لدى الأمهات والآباء حول الوقاية من الأمراض.