مدار الساعة (الدستور الأردنية) ـ نشر في 2025/09/29 الساعة 01:04
في أوقات صعبة كهذه، تعد الاستهانة بالأردنيين والاستخفاف بوعيهم، أسوأ رسالة يمكن أن تصل إليهم، بغض النظر عن مصدرها، سواء كانت تأتي من تيارات سياسية محددة، لا ترى الأردنيين إلا من منظور مصالحها وأيديولوجياتها، أو من مسؤولين يعيشون في بحبوحة خيرات الأردن، في الوقت الذي يعاني فيه المواطن الأردني، فالمهم هو أن أي إهانة موجهة للمجتمع الأردني يجب أن تُواجه بالرفض العنيف، وأن تُعتبر بمثابة جريمة يُعاقب عليها القانون.
النقد والإساءة
يجب أن ندرك أن هناك فرقًا كبيرًا بين نقد سلوك المجتمع وبين الإساءة للشخصية الأردنية، ما شهدناه من بعض الأعمال الدرامية والتغريدات السياسية والنقاشات العامة، قد تجاوز حدود النقد المقبول ليصل إلى دائرة الإهانة وتجريح الكرامة الشخصية، والتي تمثل جزءًا جوهريًا من كرامتنا الوطنية، فنحن أمام حالة من التنمر على الأردن والأردنيين، تمتد من الخارج إلى الداخل، مع ظهور أشكال متنوعة ومتزايدة أيضًا، نحن نُقدّر أي جهد يُبذل في دراسة حالة المجتمع بأسلوب علمي أو فني، يستند إلى الموضوعية والإنصاف، للوصول إلى فهم شامل لمشكلات بلادنا واقتراح الحلول المناسبة، ولكن لا يمكن بأي شكل من الأشكال قبول الإساءة للأردنيين، أو محاولات استغلالهم، أو استخدامهم كـ”تروس” في ماكينة العبث.
حق الأردنيين في الدفاع عن هويتهم
لقد تحمل الأردنيون الكثير من الاستهزاء والاستخفاف والتشويه، وحان الوقت كي يدرك الجميع أن كرامة الأردني فوق كل اعتبار، كما أكد الملك في العديد من المناسبات، هذا الأمر يجب أن يكون عنوانًا للتوافق الوطني العام، بكل صراحة، لقد صمت الأردنيون لعقود، وذلك إما بدافع الإحساس بعروبتهم، أو التضامن مع قضايا أمتهم، أو بسبب طيبتهم ورغبتهم في التخلي عن الرد على من يسيء إليهم، لكن هذا الصمت سُيء فهمه من قبل البعض على أنه ضعف، فهل يُعقل أن يشعر الأردني بالخجل من الدفاع عن وطنه خشية اتهامه بالعنصرية أو الانعزالية؟ هل يُعقل أن تتحول الشخصية الأردنية في بعض الأعمال الدرامية إلى مادة للسخرية والاستهزاء؟ هل يُعقل أن يتجرأ بعض الأشخاص على إهانة الأردنيين، واتهام دولتهم، وتشويه تاريخهم، وتحقير إنجازاتهم، ولا نسمع من يقول لهم: أنتم مخطئون، أو من يحاسبهم على ذلك؟
ضرورة الاعتزاز بالهوية الوطنية
يجب على الأردنيين اليوم أن يُعلنوا بفخر عن هويتهم الوطنية، وأن يعتزوا ببلدهم وإنجازاتهم، وأن يقولوا: كفى، لكل من يتعمد الإساءة إليهم، من حقهم أن يبادروا للدفاع عن وطنهم، دون أن يكون هناك من يقلل من تضحياتهم ودماء شهدائهم، كما أنه من المهم أن يُدرك الأردنيون أن عليهم المطالبة بحقوقهم من إداراتهم العامة، بما يوفر لهم حياة كريمة، وتكافؤ فرص، بالإضافة إلى ضرورة محاسبة الذين أساؤوا إليهم، فالوقت قد حان لتعبير الأردنيين عن استيائهم من حمل قضايا الآخرين، ومن جحود الذين شربوا من “البئر” الأردني ثم ألقوا حجارتهم فيه.
مدار الساعة (الدستور الأردنية) ـ نشر في 2025/09/29 الساعة 01:04