
في القلب النابض لجامعة أسيوط، وتحت إشراف الدكتور أحمد المنشاوي، رئيس الجامعة، تستمر رحلات النجاح وتظهر قصص التحدي. من بين هؤلاء الذين يضيئون دروب الآخرين بإرادتهم القوية وأحلامهم الكبيرة، تبرز الشقيقتان التوأم هدير وهايدي عبد الصبور، طالبتا الدراسات العليا، اللتان أثبتتا أن فقدان البصر لا يعني غياب البصيرة، ولا يعيق سعيهما نحو النجاح.
رغم تحديات الإعاقة البصرية، كانت خطوات هدير وهايدي مليئة بالعزيمة والإصرار، حتى أصبحتا مثالًا يُحتذى به داخل مركز رعاية الطلاب ذوي الإعاقة في جامعة أسيوط، الذي يمثل مظلة دعم واحتضان لكل أصحاب الهمم، تحت إشراف الدكتور أحمد عبد المولى، نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، والدكتورة أمنية عبد القادر، مديرة المركز، وبفضل جهد فريق عمل مخلص لا يتوانى عن تمكين الطلاب وتوفير بيئة حاضنة لمواهبهم وطموحاتهم.
وقد عبر الدكتور أحمد المنشاوي عن إعجابه بقصة كفاح الشقيقتين، مؤكدًا أن الجامعة ملتزمة بدعم كل طالب من ذوي الهمم، وتوفير كافة السبل لتمكينهم أكاديميًا وفنيًا وتكنولوجيًا، مشيرًا إلى أن قصة هدير وهايدي تجسد رؤية الجامعة في تحقيق الدمج الكامل، وبناء نماذج ملهمة تترك بصمة في المجتمع.
تؤكد تجربة الشقيقتين أن الدعم المؤسسي، عندما يتلاقى مع الإرادة الشخصية، يمكن أن يصنع المستحيل.
من نغمة هايدي العذبة وضغطتي “هدير” على لوحة المفاتيح، كُتبت قصة انتصار، وارتفع صوت الأمل عاليًا.. .في جامعة أسيوط، حيث تُولد الأبطال من رحم التحدي.
بدأت “هدير”، طالبة الدراسات العليا بكلية الآداب، رحلتها مع المركز بالالتحاق بالدورات الفنية والأنشطة الترفيهية، لكنها سرعان ما اكتشفت شغفها الحقيقي بالتكنولوجيا. حصلت على دورات تدريبية في التحول الرقمي، مما فتح أمامها آفاقًا جديدة في مجالات علوم الكمبيوتر والهندسة الصوتية والمونتاج.
واصلت “هدير” مسيرتها التعلمية من خلال تدريبات متقدمة من مؤسسات مرموقة مثل “أميديست”، و”مؤسسة حلم”، ووزارة الاتصالات، حيث أصبحت متمكنة في برامج الصوت والفيديو، والصيانة البرمجية، وكل ذلك بدعم من المركز. لكنها لم تكتفِ بالتعلم، بل قررت أن ترد الجميل لزملائها من ذوي الإعاقة البصرية.
حصلت على دورة إعداد مدرب (TOT)، وبدأت كمساعدة مدرب، حتى أصبحت مدربة معتمدة داخل المركز، تنقل خبراتها لزملائها، وتقوم بتدريس برامج مهمة مثل: برنامج التوجه والحركة، الذي يساعد المكفوف على التنقل بصورة مستقلة، وبرنامج الهندسة الصوتية والمونتاج، لتمكين الطلاب من إنتاج محتوى صوتي وبصري باحترافية، بالإضافة إلى مهارات استخدام تطبيقات الكمبيوتر المتنوعة للأطفال ذوي الإعاقة البصرية.
بهذا تحولت “هدير” إلى طالبة متفوقة ومُعلّمة مُلهمة، تساهم في بناء جيل من المكفوفين القادرين على التكيف مع العصر الرقمي.
أما “هايدي”، طالبة الدراسات العليا بكلية التربية، فقد كان صوتها العذب هو الطريق نحو التألق. منذ طفولتها، حبّت الغناء، وعند التحاقها بجامعة أسيوط، احتضان المركز موهبتها وساعدها في صقلها من خلال تدريبات متخصصة، مما جعلها نجمة في مسابقات الجامعة ومبادرات الدولة.
في مسابقة “إبداع 6” التي تنظمها وزارة الشباب والرياضة، حصلت على المركز الثاني في الغناء الفردي، وفي “مسابقة المواهب الذهبية” التي تنظمها وزارة الثقافة، فازت بجائزة التميز في الموسم الثاني، وبالمركز الأول في الموسم الثالث في الغناء الفردي، كما حققت مع فريق كورال “كروماتيك” التابع للمركز مراكز متقدمة في الغناء الجماعي على مستوى الجامعات المصرية.
إن مشاركات هايدي لم تقتصر على الحياة الجامعية، بل تعدت لتصل إلى أهم المنصات الرسمية، حيث شاركت في حفل “قادرون باختلاف” – النسخة الثالثة، أمام فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتألقّت أيضًا في حفل ختام مبادرة تمكين ذوي الهمم من طلاب الجامعات بمعبد حتشبسوت بالأقصر، تحت رعاية رئيس الجمهورية، كما شاركت بالغناء في برامج إعلامية على قنوات مصرية، مثل قناة Extra News، ولاقى أداؤها إشادة واسعة.
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
تعليقات