في إطار سعي المملكة لتطوير تجربة الحج والعمرة، وضمان أعلى معايير السلامة والجودة لزوارها، اعتمدت وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان مجموعة من الاشتراطات التنظيمية الخاصة بالنزل المؤقتة المخصصة لاستقبال الحجاج، وهي أماكن الإقامة التي تُستخدم موسميًا خلال موسم الحج لتلبية احتياجات الأعداد المتزايدة من القادمين إلى المشاعر المقدسة.
السعودية تعلن تغيير تصاميم مساكن الحجاج في مشعر منى
يأتي هذا القرار ضمن الجهود المستمرة لتحديث البنية العمرانية والخدمية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030، التي تسعى لتعزيز جودة الحياة وتطوير الخدمات الدينية وفق أعلى المعايير العالمية.
أهداف القرار ودلالاته التنظيمية
تهدف الاشتراطات إلى توفير بيئة سكنية آمنة وصحية تمامًا لاستقبال الحجاج، وتسمح بتنظيم استخدام الأراضي في المناطق المحيطة بالمشاعر المقدسة، مما يحقق توزيعًا متوازنًا للمرافقويجنب العشوائية أو الازدحام السكاني الموسمي، وترى الوزارة أن هذه المعايير تُعتبر نقلة نوعية في آليات الترخيص والإشراف على النزل المؤقتة، حيث تلتزم المشغلون بتطبيق معايير السلامة المتقدمة والالتزام بالبنية التحتية المعتمدة، مع الحفاظ على الصورة الحضرية المترابطة للمباني في المناطق المقدسة.
متطلبات السلامة ومنظومة الحماية
أوضحت الوزارة أن من أبرز بنود الاشتراطات الجديدة إلزام جميع النزل المؤقتة بالحصول على موافقات مسبقة من الدفاع المدني، تتضمن مخططات للسلامة وتقارير فنية توثق مطابقة المباني لاشتراطات الوقاية من الحرائق، كما تم التأكيد على ضرورة أن تكون الطرق المؤدية إلى هذه المباني بعرض لا يقل عن عشرة أمتار، لتسهيل وصول فرق الإنقاذ، علاوة على توفير مخارج طوارئ متعددة لضمان الإخلاء السريع والآمن في حالات الطوارئ، وأكدت الوزارة أن أي خلل في أنظمة الإطفاء أو أجهزة الإنذار ستكون بمثابة مخالفة جسيمة تستدعي الإغلاق الفوري حتى يتم التصحيح الكامل، مشيرة إلى أن مسؤولية الصيانة الدورية تقع على عاتق المشغلين، الذين يجب عليهم التعاقد مع شركات معتمدة ومتخصصة في أنظمة الحماية.
اشتراطات التصميم والتجهيزات الداخلية
شددت التعليمات على أن التشطيبات الداخلية للنزل المؤقتة يجب أن تكون من مواد غير قابلة للاشتعال، وأن تتوافق مع المواصفات الفنية المعتمدة، مع وجوب تركيب أنظمة إنذار مبكر وإضاءة طوارئ ووسائل تهوية دائمة، كما أوضحت الوزارة أنّ التمديدات الكهربائية يجب أن تتطابق مع متطلبات كود البناء السعودي، وأن يكون ممنوعًا تخزين أي مواد قابلة للاشتعال داخل المبنى أو في المرافق المخصصة للنزلاء، وأكدت التعليمات أن دور القبو مخصص فقط للمواقف والخدمات الفنية، ولا يُسمح باستغلاله لأي أنشطة تجارية أو سكنية.
ضوابط التشغيل والترخيص البلدي
نصّت اللوائح الجديدة على ضرورة الحصول على ترخيص بلدي قبل بدء تشغيل أي نزل مؤقت، على أن تكون مدة الترخيص سنة واحدة قابلة للتجديد بعد استيفاء جميع المتطلبات النظامية، وحذرت الوزارة من مزاولة النشاط دون ترخيص ساري، أو استغلال المساحات العامة والأرصفة دون تصريح رسمي، حيث إن المخالفة قد تؤدي إلى إغلاق المنشأة وسحب الترخيص نهائيًا، كما تم التأكيد على تنظيم حركة الحافلات أمام النزل، بحيث يمنع وقوفها إلا في أوقات التحميل والتنزيل فقط، مما يساعد على تخفيف الازدحام وضمان انسيابية المرور في المناطق المحيطة.
معايير المظهر العام والخدمات المساندة
ألزمت التعليمات أصحاب النزل بالحفاظ على المظهر الجمالي العام للمباني، ومنع وضع أي ملصقات أو إعلانات عشوائية على الواجهات، باستثناء اللوحات التعريفية الرسمية وأوقات العمل وتعليمات الدفع الإلكتروني، كما سمحت الوزارة بتركيب اللوحات الإعلانية وفق الضوابط المحددة، وشددت على ضرورة الحفاظ على المواقف المخصصة وعدم تحويلها لاستخدامات أخرى، أما بالنسبة للخدمات الداخلية، فقد منعت اللوائح إقامة مطابخ مركزية داخل النزل بشكل قاطع، وأوجبت التعاقد مع مطابخ مرخصة لضمان سلامة الإعاشة ومطابقتها لمعايير الصحة العامة، كما سمحت بوجود مغاسل ومكائن بيع ذاتية للمنتجات الغذائية بشرط الحصول على تراخيص رسمية والالتزام الكامل باشتراطات النظافة والسلامة الغذائية.
تعزيز جودة الخدمة واستدامة المشاريع
أكدت الوزارة أن الهدف الأوسع من تطبيق هذه اللوائح هو تحسين تجربة الحجاج والمعتمرين، وضمان أن تكون كل مراحل إقامتهم داخل المملكة آمنة ومريحة وتتناسب مع مكانة الحرمين الشريفين، كما شددت على أن هذه الإجراءات تأتي في إطار خطة شاملة لتطوير بيئة الضيافة الدينية، وجعلها نموذجًا يُحتذى به في المنطقة، مع التركيز على الاستدامة والابتكار في إدارة المرافق الموسمية.
رؤية متكاملة لخدمة ضيوف الرحمن
تعكس هذه القرارات حرص المملكة المستمر على الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للحجاج والمعتمرين، ليس فقط من خلال التوسع في المشروعات الكبرى، بل عبر وضع أنظمة دقيقة تضمن سلامة وراحة الزوار في كل تفصيلة من تفاصيل رحلتهم الإيمانية، وينتظر أن تسهم هذه الاشتراطات في رفع كفاءة النزل المؤقتة وتحقيق التوازن بين الجانب التنظيمي والتنموي، لتظل المملكة نموذجًا في إدارة الحشود واستقبال ضيوف الرحمن طبقًا لمعايير عالمية تعكس رؤيتها الطموحة نحو مستقبل أكثر أمانًا واستدامة.