Published On 10/10/2025
|
آخر تحديث: 16:34 (توقيت مكة)
انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي
share2
لا يزال الدولار يعاني من تقلبات بين خسائر استمرت لعدة أشهر واحتمالات ضئيلة لتحسن أدائه بالمستقبل القريب، في ظل الضبابية والقلق الذي يسود المشهد الاقتصادي والسياسي في الولايات المتحدة منذ تولي ترامب رئاسة البلاد للمرة الثانية، وتراجعت جاذبية الدولار كملاذ آمن بشكل كبير بعد انتعاشه القصير عقب إعادة انتخاب ترامب، حيث اعتبرته الأسواق دعمًا للنمو والقطاع التجاري، مما أدى لزيادة الاستثمارات والطلب على العملة الأميركية، إلا أن تلك الطفرة لم تستمر، وبدأ مؤشر الدولار بالتراجع منذ منتصف يناير/كانون الثاني نتيجة أولى القرارات الاقتصادية لترامب، خاصة المتعلقة بالرسوم الجمركية والنزعات الانعزالية، وهكذا تبددت الآمال بإدارة تدعم الأعمال، لتحل محلها مخاوف من استمرار التضخم وتأثير أسعار الفائدة المرتفعة على الاقتصاد والشركات في سوق الأسهم، نتيجة لذلك تراجع الدولار بنحو 11% خلال النصف الأول من العام الجاري، محققًا أكبر انخفاض في تلك الفترة منذ أكثر من خمسين عامًا، ووصل مؤشر الدولار حتى 7 أكتوبر/تشرين الأول 98.31، ويتوقع بنك مورغان ستانلي هبوطًا إضافيًا قد يصل به إلى 91 بحلول منتصف 2026.
منحى هبوطي
بالرغم من ظهور بوادر انتعاش طفيف للدولار في بداية أكتوبر/تشرين الأول بعد انخفاضه إلى أدنى مستوياته بنهاية سبتمبر/أيلول، حيث بلغ نحو 96، فإن المنحى الهبوطي لا يزال هو السمة الأساسية لأداء الدولار، ومن المتوقع أن يستمر ذلك حتى نهاية الربع الأخير من العام الجاري، وتؤكد تقارير كبرى المصارف الأميركية والهيئات الإعلامية والبحثية أن حالة عدم اليقين في السياق السياسي والاقتصادي الأميركي ستحفز زيادة التحوط من العملات الأجنبية على حساب الدولار، الذي فقد الكثير من جاذبيته كملاذ آمن عالمي، ونتيجة للسياسات الاقتصادية لتوجه الرئيس ترامب المتعلقة بالرسوم الجمركية والضرائب، فقد المستثمرون العالميون رغبتهم في الاحتفاظ بالدولارات، مما زاد الضغط على العملة وأثر سلبًا على قيمتها، بالإضافة إلى تأثير هجمات ترامب المتكررة على مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخصوص خفض الفائدة، وكذلك القلق حول مشروع قانون الضرائب الذي واجه صعوبات مع نهاية سبتمبر ودخول البلاد في حالة إغلاق حكومي منذ 1 أكتوبر.
تتباين آثار انخفاض قيمة الدولار بين الإيجابية والسلبية على مختلف الأطراف المعنية، سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات أو دولًا، وإليكم أبرز الرابحين والمتضررين من حالة الدولار.
الرابحون
يستفيد المستثمرون في الذهب من تقلبات الدولار، حيث ارتفع سعر المعدن الأصفر إلى مستويات قياسية هذا العام، نتيجة عمليات الشراء المكثفة من البنوك المركزية التي تتخوف من انخفاض قيم أصولها بالدولار، وقد قفز سعر الذهب إلى أكثر من 4 آلاف دولار للأوقية لأول مرة بتاريخ 8 أكتوبر/تشرين الأول، بسبب تزايد الاستثمارات كملاذ آمن وسط حالة الإغلاق الحكومي وتوقعات بتخفيض أسعار الفائدة، وعادة ما يُعتبر الذهب مخزنًا للقيمة في أوقات عدم الاستقرار، وتساهم عدة عوامل مثل زيادة مشتريات البنوك المركزية وتجدد الاهتمام بصناديق الاستثمار المدعومة بالذهب، في تعزيز صعود المعدن الأصفر، ومن بين المستفيدين أيضًا:
- يستفيد المصدرون الأميركيون من ضعف الدولار لأنه يقلل أسعار السلع والخدمات الموجهة للأسواق الأجنبية، مما ينعش قدْر الصادرات.
- المستثمرون الدوليون في الأصول الأجنبية يحصلون على عوائد أكبر، حيث يؤدي ضعف الدولار إلى ارتفاع قيمة أصولهم عند تحويلها.
- العملات الكبرى مثل اليورو والفرنك السويسري والين الياباني ترتفع قيمتها مقابل الدولار، في ظل بحث المستثمرين عن ملاذات آمنة.
- الأجانب المتجهون للولايات المتحدة يستفيدون من ضعف الدولار، مما يزيد من قدرتهم الشرائية وينعكس إيجابيًا على قطاع السياحة الأميركي.
- الدول التي تسعى إلى تنويع اقتصادها مثل الهند والصين تزيد من تنظيم تجارتها بالعملات المحلية، مما يقلل الحاجة لاحتياطيات الدولار.
- الدول المثقلة بالديون وخاصة في إفريقيا، حيث يخفف ضعف الدولار من عبء سداد الديون بالدولار، ما يوفر تمويلًا للمشاريع المحلية.
الخاسرون أو المتضررون
إلى جانب الرابحين من حالة ضعف الدولار، هناك أطراف عديدة تتعرض لآثار سلبية بسبب انخفاض قيمة العملة، سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها، وتتمثل أبرز الجهات المتضررة في:
- المستهلكون يتأثرون بشكل سلبي بسبب ارتفاع أسعار السلع المستوردة، كما أن الأميركيين المسافرين للخارج سيواجهون تكاليف سفر أعلى.
- المستوردون سيعانون من زيادة في التكاليف لاستيراد السلع والخدمات الأجنبية، مما يقلص هوامش الربح ويزيد الأسعار على المستهلكين.
- المستثمرون الأجانب في الأصول الأميركية يصابون بالإحباط بسبب ضعف الدولار، ما يقلل من قيمة استثماراتهم عند تحويلها.
- من المتوقع أن تتزايد نسبة التضخم بمقدار 30 نقطة أساس نتيجة ضعف الدولار والرسوم الجمركية على السلع الأجنبية.
متى سيتعافى الدولار؟
أبدى العديد من المسؤولين الأوروبيين مؤخرًا شكوكا بشأن إمكانية تخفيف حالة عدم اليقين المحيطة بالاقتصاد الأميركي، وخصوصًا المتعلقة بسياستهم التجارية، وترى الأطراف الدولية أن نهج إدارة ترامب غير المتوقع حول السياسات الاقتصادية يربك التجارة العالمية، ويؤدي إلى جذب المستثمرين للأصول الأجنبية، مما يؤثر سلبًا على قيمة الدولار، لكن الدولار سيظل محور التجارة العالمية والسلع على المدى الطويل، بوصفه عملة احتياطية رئيسية، حيث لا زالت أكثر من 50% من الصادرات العالمية مقوّمة بالدولار.