«تاريخ التفويضات: 1991 و2002 يُغلق، لكن تفويض 2001 يظل يمنح واشنطن السيطرة المطلقة في العراق»

«تاريخ التفويضات: 1991 و2002 يُغلق، لكن تفويض 2001 يظل يمنح واشنطن السيطرة المطلقة في العراق»

بغداد اليوم – بغداد

صوّت مجلس النواب الأمريكي، يوم الخميس (11 أيلول 2025)، على إلغاء تفويضات الحرب الصادرة عامَي 1991 و2002، بعد أن تم تمرير القرار من قبل مجلس الشيوخ قبل أكثر من عامين، على الرغم من أهمية هذه الخطوة قانونياً، أكدت الإدارة الأمريكية أن ذلك “لن يؤثر بشكل جوهري على العمليات العسكرية الحالية”، حيث لا تزال التدخلات الجارية تعتمد على تفويض مكافحة الإرهاب لعام 2001، الذي يُعتبر مرجعًا أساسيًا للعمليات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.

استعادة صلاحيات الكونغرس

جاء الإلغاء كخطوة لاستعادة صلاحيات الكونغرس في إعلان الحرب، بعد استخدام تلك التفويضات القديمة لعدة عقود كغطاء لتجاوز الدستور، وهنا يشير الخبير في الشؤون القانونية والاستراتيجية محمد السامرائي إلى أن القرار “يمثل تصحيحاً لمسار قانوني استخدم لعقود لتجاوز صلاحيات الكونغرس الدستورية، وتعزيز مبدأ المساءلة والشفافية في القرارات المتعلقة باستخدام القوة العسكرية خارج الولايات المتحدة”، هذا الربط يوضح كيف تحوّلت التفويضات إلى أداة بيد السلطة التنفيذية، وهذا ما أشارت إليه تقديرات بحثية سابقة في واشنطن.

مشروعية التفويضات العسكرية

تتضح الأبعاد السياسية بشكل جلي، حيث يذكر السامرائي أن “تفويضات الحرب التي استخدمت لتبرير التدخل العسكري في العراق فقدت مشروعيتها القانونية والسياسية منذ سنوات”، خاصة بعد تغيّر الواقع الميداني وانتهاء المبررات الأصلية، تعكس هذه القراءة إدراكًا متزايدًا بأن استمرار العمل بتفويضات متقادمة لن يتماشى مع التحولات السياسية في العراق، كما يؤكد خبراء قانون دولي.

الثغرة القانونية للإدارات الأمريكية

في جانب آخر، كان بقاء التفويضات بمثابة ثغرة قانونية استغلتها الإدارات الأمريكية لتوسيع نطاق العمل العسكري دون العودة إلى الكونغرس، ويعبّر السامرائي بقوله إن “الإبقاء على هذه التفويضات كان يشكل ثغرة قانونية، وهو ما يتعارض مع روح الدستور الأمريكي الذي يمنح السلطة التشريعية الحق الحصري في إعلان الحرب”، يُظهر هذا الاستخدام الواسع أن النصوص القديمة أدت عمليًا دورًا يفوق حدودها الأصلية، كما توضح المراجعات الأكاديمية لتاريخ السياسة الدفاعية الأميركية.

إعادة ضبط آليات القرار العسكري

أما عن البعد المؤسسي، فلا بد من فهم الإلغاء كمدخل لإعادة ضبط آليات اتخاذ القرار العسكري، والتأكيد على أن أي تدخل جديد يجب أن يتم بناءً على تفويض محدد وصريح من الكونغرس، تتماشى هذه الدعوة مع الاتجاهات التشريعية في واشنطن التي تسعى لإعادة التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، بما يضمن أن القرارات العسكرية تمر عبر قنوات أكثر شفافية ورقابة.

أثر الخطوة على العلاقات العراقية الأمريكية

يختم السامرائي بالتأكيد على أن “هذه الخطوة قد تكون لها آثار إيجابية على العلاقة بين بغداد وواشنطن، لأنها تعبر عن نضج في الرؤية الأمريكية تجاه السيادة العراقية، وتبعث برسالة احترام واضحة تجاه الدولة العراقية ومؤسساتها المنتخبة”، من هذه الزاوية، يمكن قراءة القرار كرسالة دبلوماسية موجهة للعراق، حتى وإن لم يُحدث تغييراً عملياً في حجم أو طبيعة الوجود العسكري الأمريكي.

على الرغم من إلغاء تفويضات حرب العراق، إلا أن ذلك لا يؤثر على التفويض الأوسع لمكافحة الإرهاب، الذي يمنح واشنطن القدرة على الاستمرار في نشاطها العسكري خارج الحدود، وهكذا، يظهر القرار كخطوة قانونية رمزية تعزز الرقابة التشريعية، وتبعث برسالة سياسية، دون أن تمس جوهر أدوات القوة التي تعتمد عليها الولايات المتحدة.

المصدر: بغداد اليوم+ وكالات