«استقرار أسعار الصرف في الجنوب لا يعكس واقع الاقتصاد» نقابة الصرافين تؤكد عدم وجود تحسن حقيقي

أصدرت نقابة الصرافين الجنوبيين بياناً حول استراتيجيتها لضمان استقرار أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل العملة المحلية.

يتابع نص البيان:

تراقب نقابة الصرافين الجنوبيين، باهتمام ومسؤولية مهنية عالية، التطورات الأخيرة في السوق النقدي والمصرفي بالعاصمة عدن، وما شهدته العملة الوطنية منذ أواخر يوليو 2025 من تحسن مفاجئ في سعر صرف الدولار، حيث انخفض من حدود 3000 ريال إلى ما دون 1615 ريالًا خلال أسابيع قليلة، ورغم أن هذا الانخفاض المفاجئ أسعد الشارع مؤقتًا، فإن النقابة تؤكد أن هذا التحسن لا يدل على تقدم حقيقي في مؤشرات الاقتصاد، بل هو نتيجة لتدخلات موقتة في العرض النقدي والطلب على العملات الأجنبية، تمت بعيداً عن أي إصلاحات هيكلية في السياسات النقدية أو المالية، أو زيادة فعلية في الاحتياطيات الخارجية أو تدفقات الودائع.

غياب الرؤية الاستراتيجية

إن هذا النمط من التحركات المفاجئة في سعر الصرف، دون وجود تغطية نقدية مستدامة أو سياسة مالية متكاملة، يعكس افتقار الرؤية الشاملة داخل إدارة البنك المركزي بعدن، حيث لم يتم حتى الآن تفعيل أدوات السياسة النقدية الأساسية مثل عمليات السوق المفتوحة، وضبط القاعدة النقدية، وإدارة السيولة عبر أذون الخزانة أو أسعار الفائدة التوجيهية، واكتفى البنك بتدخلات ارتجالية محدودة في سوق الصرافة، وهي لا تستند إلى قاعدة بيانات حقيقية أو مؤشرات شفافة عن حجم الكتلة النقدية المتداولة أو الاحتياطيات المتاحة.

مسؤولية قيادات البنك المركزي

تتحمل النقابة قيادة البنك المركزي، ممثلةً بالمحافظ أحمد المعبقي ووكيله منصور راجح، مسؤوليةً مباشرة عن حالة الارتباك المستمرة، والافتراق بين الأرقام المعلنة من البنك وبين الواقع المعيشي الصعب للمواطنين، ففي الوقت الذي يتحدث فيه البنك عن “استقرار سعر الصرف”، تعيش آلاف الأسر بلا مرتبات لأكثر من ثلاثة أشهر، وتعاني المؤسسات العامة من نقص حاد في السيولة المحلية، مما أدى إلى ركود الأنشطة الاقتصادية وزيادة البطالة وتآكل القدرة الشرائية للعملة.

عدم جدوى التحسن الرقمي

لا يمكن لأي تحسن رقمي في سعر الدولار أن يكون ذا قيمة إذا كان المواطن عاجزًا عن الحصول على راتبه، بينما يواجه القطاع الخاص جمودًا في حركة رؤوس الأموال، ويضطر التجار لتسعير سلعهم بالدولار تحسبًا لأي تقلبات جديدة، تؤكد النقابة أن التحسن الأخير لم يكن نتيجة دخول وديعة مالية جديدة أو عائدات حقيقية من الصادرات أو المنح الخارجية، بل جاء في إطار تحكم محدود في السيولة المحلية وتجميد مؤقت للطلب على العملات الأجنبية من قبل أطراف نافذة في السوق، مما خلق انطباعًا زائفًا بالاستقرار النقدي.

سياسة البنك المركزي الانتقائية

تلاحظ النقابة أن البنك المركزي يطبق سياسة رقابية انتقائية وغير مهنية تجاه منشآت وشركات الصرافة، إذ يتم إغلاق المنشآت الصغيرة والمتوسطة بذريعة ضبط السوق، بينما تُترك المؤسسات الكبرى التي تحتكر تدفقات النقد الأجنبي وتستغل أسعار الصرف في السوق الموازي بلا مساءلة أو عقوبة، كما أن هناك تمييزًا في منح تراخيص لبنوك التمويل الأصغر الجديدة، على الرغم من وجود فروع لها في نفس الشوارع باسم شركات صرافة، بالإضافة إلى انفتاح فروع الكريمي بشكل مفرط، حيث تجاوز عدد فروع البنوك والشركات والمنشآت في مديريتي المنصورة والبريقة، بالإضافة للشارع التسعين والسجن، ما يقارب 130 بنكًا وشركة ومنشأة مكررة.

تشوهات هيكلية عميقة

أثبتت الأحداث الأخيرة أن بعض الشركات التي أوقفها البنك الشهر الماضي قد استأنفت نشاطها بأوامر مباشرة من قيادته، دون إعلان رسمي، مما يُعدُّ إغلاقها وسيلة انتقائية وغير عادلة، تثير تساؤلات جدية حول التواطؤ الداخلي وهيمنة مصالح حزبية واقتصادية على قرارات البنك، كما أن الاقتصاد النقدي في بلادنا يعاني من تشوهات هيكلية عميقة، أبرزها:

  • غياب نظام إدارة السيولة وضبط تداول الكتلة النقدية بين القطاع المصرفي وشركات الصرافة.
  • انعدام التكامل بين السياسة المالية للحكومة والسياسة النقدية للبنك المركزي.
  • غياب نظام وطني لمراقبة التحويلات الخارجية وتشتت مصادر العملة الأجنبية بين قنوات رسمية وغير رسمية.
  • استمرار تعدد أسعار الصرف بين المحافظات، مما يقوض وحدة السوق النقدي ويضعف الثقة في الريال.

تحذيرات من استمرار السياسات الحالية

تحذر النقابة من أن الاستمرار في هذا النهج قد يؤدي إلى تآكل ما تبقى من الاحتياطيات المحلية، وزيادة تضخم الركود، وفقدان السيطرة على حركة السيولة، كما تدعو النقابة البنك المركزي إلى التوقف عن المعالجات الإعلامية قصيرة الأمد، والعودة إلى سياسة نقدية علمية ترتكز على مؤشرات واقعية مثل ميزان المدفوعات، وحجم الاستيراد الفعلي، ومستوى الودائع المصرفية، ونسب التضخم الحقيقية.

سبل استعادة الثقة

تؤكد النقابة أن الطريق الوحيد لاستعادة الثقة يكمن في:

  • توحيد السياسة النقدية وضمان استقلال البنك المركزي فعليًا عن النفوذ السياسي.
  • صرف رواتب موظفي الخدمة العامة فوراً باعتبارها حقاً أساسياً ومؤشراً رئيسياً على استقرار الدولة.
  • إعادة هيكلة إدارة البنك المركزي بما يضمن الكفاءة والمهنية والشفافية.
  • إشراك القطاع المصرفي والنقابي والاقتصادي في صياغة خطة وطنية شاملة لإعادة التوازن النقدي.
  • إعادة الثقة بالريال اليمني عبر إجراءات ملموسة وليس عبر قرارات شكلية أو بيانات إعلامية.

وفي الختام، تجدد نقابة الصرافين الجنوبيين تحذيرها من أن تجاهل هذه التحذيرات سيؤدي إلى انفجار اقتصادي ومعيشي غير مسبوق، سيعاني المواطن بأقسى عواقبه، وأن النقابة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام استمرار سياسات التضليل والإدارة غير المسؤولة للقطاع النقدي، إن هذا الوطن يستحق إدارة مصرفية محترفة تعمل بعقل الدولة وليس بعقل الصفقات، وتخدم استقرار المجتمع وليس مصالح الأفراد.

صادر عن: نقابة الصرافين الجنوبيين – عدن

التاريخ: ‎6 أكتوبر 2025م

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *