في مشهد جديد يعكس الفوضى الحوثية في السيطرة على السلطة والبيئة وصحة الإنسان، عمدت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران إلى إقرار مشروع إنشاء كسارة حجرية في مديرية ذي السفال بمحافظة إب، متحدّية القوانين اليمنية والتشريعات الدولية، ومتجاهلة صرخات الأهالي الذين يرفضون هذا المشروع الذي يهدد حياتهم وصحتهم وبيئتهم الزراعية.
واقع مؤلم تحت سطوة الفساد
تحت شعار مأساوي يعكس حجم الفساد والظلم: «إذا غريمك القاضي من تشارع؟» أصبح الأهالي أسرى لسطوة سلطة قمعية حولت النظام القضائي إلى أداة للترهيب، مستخدمة القوة والسلاح لإجبار المواطنين على التخلي عن حقوقهم الحياتية.
احتجاجات متواصلة ووعود زائفة
وبما أن الخصم هو القاضي نفسه، لم يجد المواطنون خياراً سوى اللجوء إلى الاحتجاج السلمي، لكن الرد الحوثي كان بالرصاص والغبار، في قريتي الخرابة والجشاعة بعزلة وادي ضباء، حيث يعيش الأهالي تحت سحب الغبار التي تثيرها معدات الكسارة، بينما تعلو أصوات النساء والأطفال الرافضة، في مشهد إنساني موجع يعكس عمق المعاناة وسذاجة السلطة التي تسعى لإفساد الأرض ودمار الحرث والنسل.
انتهاك صارخ للقوانين الحالية
تشير الدراسات القانونية إلى أن المشروع الحوثي المعروف بـ«الكسارة» يُعد انتهاكًا صريحًا للقوانين اليمنية التي تحظر إقامة منشآت ملوِّثة أو مضرة بالصحة داخل التجمعات السكنية، ومن أبرز النصوص القانونية المنتهكة:
- الدستور اليمني – المادة (35): تُحمّل الدولة والمجتمع مسؤولية حماية البيئة.
- قانون البناء رقم (19) لسنة 2002 – المادة (23): يمنع الترخيص لأي منشأة مضرة بالصحة العامة في المناطق السكنية.
- قانون حماية البيئة رقم (26) لسنة 1995: يحظر إقامة المشاريع التي تسبب التلوث أو تضر بالبيئة.
- قانون الآثار رقم (21) لسنة 1994: يمنع إقامة منشآت صناعية بالقرب من المواقع الأثرية أو الطبيعية.
- قانون الإجراءات الجزائية رقم (13) لسنة 1994: ينص على أن “المواطنين سواء أمام القانون”، ويمنع أي جهة من تقييد حريات المواطنين أو إرهابهم دون سند قانوني، وهو ما تمارسه مليشيا الحوثي يوميًا في ذي السفال.
تجاوزات للالتزامات الدولية
تتعارض ممارسات الحوثيين مع المواثيق الدولية التي وقعت عليها اليمن، ومنها:
- اتفاقية حماية البيئة والتنمية المستدامة التي تبرز حق الشعوب في بيئة صحية وآمنة.
- اتفاقية اليونسكو لعام 2005 التي تربط بين حماية التنوع البيئي والثقافي واحترام حقوق الإنسان.
- اتفاقية حماية التراث الثقافي والطبيعي التي ترفض أي مشاريع تضر بالمجتمعات المحلية ومحيطها البيئي.
دعوات إلى التحرك والمطالبة بالمساءلة
يؤكد خبراء القانون والبيئة أن أمام سكان ذي السفال حقًا قانونيًا مشروعًا للمطالبة بوقف المشروع الحوثي فورًا، داعين إلى:
- توثيق الأضرار والانتهاكات بالصوت والصورة وإفادات الشهود.
- رفع شكاوى رسمية إلى وزارة البيئة والنيابة العامة والجهات الحقوقية المحلية.
- مخاطبة المنظمات الدولية مثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) واليونسكو بشأن الانتهاكات البيئية والإنسانية.
- المطالبة بإزالة المشروع وتعويض المتضررين وفقًا للقانون اليمني والمعايير الدولية.
جوهر المسألة
ما يحدث في ذي السفال ليس مجرد مشروع صناعي، بل يمثل جريمة ضد البيئة والإنسان والقانون، إن استغلال السلطة والقوة لإخضاع المواطنين وإجبارهم على العيش تحت غبار الكسارة، يكشف حقيقة مليشيا الحوثي التي حولت موارد البلاد إلى أدوات قمع وفساد، فليست هذه «كسارة حجارة» فقط، بل كسارة للكرامة والحقوق والحياة، ومهما حاولت المليشيا تزويق مشاريعها بشعارات «التنمية»، لن تخفي حقيقة الفساد والتوحش الذي تمارسه على حساب المواطن الذي لا يملك سوى صوته وغضبه وحقه في الحياة.
