«أزمة نفط صامتة تعصف بالعالم مع ارتفاع الطلب على الملاذات الآمنة»

في خطوة لافتة تعكس تزايد القلق على استقرار أسواق الطاقة العالمية، أطلقت الوكالة الدولية للطاقة (IEA) دعوة حاسمة لزيادة الاستثمار في قطاع النفط والغاز، محذرة من أن الفشل في ذلك سيؤدي إلى نقص حاد في الإمدادات وتقلبات كارثية في الأسعار على المدى الطويل.

تساؤلات حول العلاقة المتشابكة

هذا التحذير يأتي في وقت يتجه فيه المستثمرون نحو الذهب القياسي كملاذ آمن، مما يثير تساؤلات حول العلاقة المتشابكة بين المعدن النفيس ومستقبل الطاقة، وأكدت الوكالة الدولية للطاقة، التي تضم كبار مستهلكي الطاقة في العالم، أن مستويات الاستثمار الحالية في التنقيب والإنتاج (Upstream) في قطاع النفط والغاز غير كافية لتعويض الانخفاض الطبيعي في إنتاج الحقول القديمة.

فجوة الاستثمار

أوضحت الوكالة أن الاستثمار العالمي في التنقيب والإنتاج وصل إلى حوالي 586 مليار دولار في عام 2023، وهو أقل بكثير من الذروة المسجلة في عام 2014 (حوالي 780 مليار دولار عند تعديله وفقاً للتضخم)، وتشير تقديراتها إلى أن القطاع يحتاج إلى ما لا يقل عن 640 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030 لضمان استقرار الإمدادات وتلبية النمو المتوقع في الطلب بموجب سيناريو السياسات المعلنة (Stated Policies Scenario)، وقال فاتح بيرول، المدير التنفيذي للوكالة: إن 90% من الاستثمارات السنوية في القطاع تخصص ببساطة لتعويض التراجع الطبيعي في الحقول القائمة، وليس لزيادة الإنتاج لتلبية نمو الطلب، وأضاف: “على الصناعة أن تركض أسرع بكثير لمجرد البقاء في مكانها”.

خطر الأمن الطاقي

حذرت الوكالة من أن استمرار هذا النقص في الاستثمار قد يؤدي إلى فقدان إنتاج عالمي يعادل إنتاج دول كبرى مثل البرازيل والنرويج مجتمعتين سنوياً، مما يجعل الإمدادات العالمية أكثر تركيزاً في عدد قليل من الدول، ويزيد من مخاطر أمن الطاقة العالمية والجيوسياسية.

تأثير ارتفاع الذهب على النفط والغاز

في خضم حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي، شهد الذهب القياسي ارتفاعاً ملحوظاً، وهو ما يرتبط بعلاقة وثيقة ورمزية مع أسواق النفط والغاز، حيث يعتبر الذهب الملاذ الآمن التقليدي للمستثمرين في أوقات الأزمات والتوترات الجيوسياسية أو عدم اليقين الاقتصادي، عندما ترتفع المخاوف، يهرب المستثمرون من الأصول الأكثر خطورة مثل الأسهم، ويتجهون نحو الذهب، مما يدفع سعره للارتفاع، وارتفاع الذهب بهذا المعنى يشير إلى أن التوترات العالمية (مثل الصراعات أو التضخم غير المنضبط) تتصاعد، وهذه التوترات هي نفسها التي تهدد إمدادات النفط والغاز (عن طريق تعطيل الممرات الملاحية أو فرض العقوبات)، مما يخلق بيئة من ندرة العرض المتوقعة، وهو ما يميل إلى دعم أسعار النفط والغاز أيضاً، كما يرتبط الذهب والنفط والغاز بعلاقة معقدة عبر الدولار الأمريكي (الذي تسعر به هذه السلع)، ويعد النفط والغاز مكوناً أساسياً في تكلفة إنتاج ونقل جميع السلع تقريباً، ارتفاع أسعارهما يغذي التضخم في الاقتصاد العالمي، وينظر إلى الذهب تقليدياً على أنه أفضل أداة للتحوط ضد التضخم، لذلك، فإن ارتفاع سعر الذهب القياسي هو انعكاس لتوقعات السوق بأن التضخم سيظل مرتفعاً، وهو ما يربط مباشرة باستمرار قوة أسعار النفط والغاز.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *