
يتساءل كثير من النساء عن مدى حصول الحائض على ثواب صيام يوم عرفة، خاصةً أن هذا اليوم الفضيل يُعد من أعظم الأيام التي يغفر الله فيها ذنوب سنة ماضية وأخرى قادمة. يثير هذا السؤال فضول الفتيات اللاتي منعهن الحيض من أداء الصيام في هذا اليوم المبارك، ويبحثن عن الأجر والثواب الذي قد ينالنه رغم ذلك.
يشرح موقع “صدى البلد” في تقريره أن الله تعالى يكتب الأجر بناءً على النية الصادقة، حتى وإن لم تُتمّ العبادة بسبب عذر شرعي. وقد ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «مَن سألَ اللَّهَ الشَّهادةَ بِصِدقٍ من قلبِهِ، بلَّغَهُ اللَّهُ مَنازلَ الشُّهداءِ، وإن ماتَ على فراشِهِ». وهذا دليل على أن الله لا يضيع أجر النية الصالحة، حتى إذا منعت المرأة الحائض من الصيام أو الصلاة أو دخول المسجد.
الأعمال التي يمكن للحائض القيام بها في يوم عرفة
على الرغم من أن الحائض ممنوعة شرعًا من الصيام والصلاة، فإنها تستطيع أن تواصل عبادتها بأشكال أخرى تقربها إلى الله. فمن الممكن أن تكثر من ذكر الله بالتسبيح، والتهليل، والحمد، والتكبير، والاستغفار، وصلوات الصلاة على النبي. كما أن الدعاء في هذا اليوم له أجر عظيم، ومن الأدعية المستحبة قول: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني».
كما يُباح للحائض قراءة القرآن الكريم وفقًا لرأي الإمام مالك ومجموعة من العلماء كالشيخ ابن تيمية، بشرط أن لا تمس المصحف مباشرة، بل يمكنها استخدام القفازات أو الاعتماد على المصاحف الإلكترونية أو المصاحف التي تحتوي على تفسير الآيات. هذا الاجتهاد يتيح لها الاستزادة من علم الدين وزيادة الإيمان رغم الحيض.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للحائض أن تقوم بأعمال البر والصدقة، وصلة الرحم، وزيارة المرضى، وتحضير طعام الإفطار للمصليين، والاستعداد للعيد بكل ما يبعث على الفرح والسرور، مع الاستمرار في التوبة والاستغفار والندم على الذنوب. هذه الأعمال تُحسب لها بإذن الله، ويجب أن تُبتعد عن المحظورات كالامتناع عن الصيام أو الصلاة، إذ يعتبر ذلك من الإحداث في الدين ومخالفًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
موقف الفقهاء من نية الصيام عند الحيض يوم عرفة
أكد الشيخ محمد عبدالسميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن المرأة التي تعزم على صيام يوم عرفة وتنوي ذلك بصدق، ولكنها فاجأها الحيض، فإن الله يكتب لها الأجر والثواب بناءً على نيتها، ولا حرج في ذلك. وأوضح أن النية الصادقة في الصيام تكفي للحصول على أجر الصيام، حتى إذا منعت الظروف من أدائه.
وأشار عبدالسميع إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان يقيم الليل وطرأ عليه المرض فمنعه من قيام الليل فإن الله يكتب له ثواب قيام الليل ونومه عليه صدقة»، وهو دليل على أن الله يجزي العبد على نيته وعزيمته في العبادة رغم العذر الشرعي الذي يمنعه من التنفيذ.
العبادات المسموح بها للحائض في العشر الأوائل من ذي الحجة
أوضح الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن المرأة الحائض في العشر الأوائل من ذي الحجة يمكنها أن تمارس جميع العبادات ما عدا الصلاة، مع الالتزام بالشروط الشرعية.
أما عن قراءة القرآن الكريم، فقد أشار إلى وجود خلاف فقهي بين العلماء، حيث يرى جمهور العلماء عدم جواز مس المصحف وقراءة القرآن للحائض، بينما يرى المالكية جواز ذلك. لكنه نصح الأخذ برأي الجمهور حفاظًا على الاجتهاد الشرعي. وفي حال امتناع المرأة عن قراءة القرآن بسبب الحيض، يمكنها الاستماع إلى تلاوته، والاشتغال بذكر الله من تسبيح وتهليل وتحميد وتكبير، مما يعين على تنمية الروح وتعزيز الإيمان.
ويُعد هذا الذكر والعبادة البديلة للحائض في هذا الشهر الفضيل من الأعمال المباركة التي تثمر الأجر العظيم، خصوصًا إذا كانت النية خالصة لله تعالى.
تعليقات